آخر الأخبار

فرنسا تسمي مكتبة وشارعًا باسم الجزائرية آسيا جبار! - الإخبارية

شارك

في خطوة تكريم مليئة بالتناقض والغموض والريبة، احتفلت فرنسا بأحد أبرز كتاب الجزائر، وهي الكاتبة آسيا جبار، من خلال إطلاق اسمها على مكتبة في حي بيرسيني في ألانسون وشارع في مدينة بسكوت.

ويأتي هذا التكريم، الذي أعلنت عنه عدة صحف و مواقع فرنسية ومنها ouest France، حاملا عدة استفهامات معه، فما الذي يحمل فرنسا وفي ظل هذه الظروف المشحونة على مغازلة الجزائر وتخليد اسم كاتبة جزائرية في سجلها الذي لا يتسع إلا للمصالح الضيقة.

جدلية الانتماء الأدبي!

فهل الأمر فعلا يحمل جانبا وديا من العرفان أو التقدير للجزائريين؟ أم أن هناك غاية في نفس فرنسا؟

من الواجب التذكير بأن فرنسا ظلت تعتبر كل كاتب أطال وأجاد في الكتابة باللغة الفرنسية، فرنسيا ، وهو شأن الكاتبة الجزائرية الكبيرة آسيا جبار، التي يبدو أن فرنسا تعتبرها كاتبة فرنسية وليست جزائرية، بحكم أنها كتبت بالفرنسية وحققت مجدها الأدبي ضمن التراث الثقافي الفرنسي.

رغم أن جبار جزائرية المولد والهوية، فإن أعمالها الأدبية نشرت بالفرنسية، وهي اللغة التي فتحت لها أبواب الاعتراف العالمي، حتى أنها أصبحت عضوا في الأكاديمية الفرنسية، المؤسسة التي تعنى بحماية اللغة الفرنسية وتراثها.

وانتخابها في الأكاديمية عام 2005 لم يكن مجرد تكريم لكاتبة متميزة، بل كان إقرارا بأنها تنتمي، أدبيا وفكريا، إلى الفضاء الثقافي الفرنسي.

ومثلما احتفت فرنسا سابقا بكتاب آخرين من مستعمراتها السابقة ممن كتبوا بالفرنسية، مثل سنغور أو كاتب ياسين فإنها وجدت في آسيا جبار نموذجا للكاتب الذي يعزز إشعاع اللغة الفرنسية عبر العالم..

الجزائر ومساعي استعادة أدبها

ولأن الجزائر كانت واعية بمخطط فرنسا في احتواء كل كاتب جزائري يكتب بلغة موليير، فقد أقدمت وزارة الثقافة الجزائرية على ترجمة أعمال كاتب ياسين إلى العربية، ما يمثل خطوة مهمة لاستعادة مكانته الأدبية بعد سنوات طوال، فعلى الرغم من دوره البارز في المشهد الأدبي الجزائري، ظل ياسين، إلى جانب آسيا جبار ومعمري، من بين أقل الكتاب ترجمة إلى العربية، وهي في الواقع أسماء صنعت مجد الأدب الجزائري. وهي ترجمات ضرورية ومهمة تسد باب إحتكار فرنسا للادب الجزائري، من منطق جاهل يدعو الى حيازة الكاتب من منطلق لغة أدبه.

والترجمات أيضا تفتح الباب أمام الأجيال الجديدة لاكتشاف إبداع كتاب جزائريين كبار مثل كاتب ياسين ، الكاتب المتمرد الذي ارتبط اسمه بالنضال والتجديد، واسيا جبار التي ناقشت في معظم أدبها المعضلات والمصاعب التي تواجه النساء، كما عرف عنها الكتابة بحس أنثوي الطابع.

التكريم.. والاستغلال الثقافي!

وهاهي اليوم فرنسا تسمي شارع ومكتبة باسم الكاتبة الجزائرية آسيا جبار، لتغذي منطقها الأجوف الذي يقول بأن من يكتب بلغتها، وينجح داخل مؤسساتها الثقافية، هو جزء منها، بغض النظر عن أصوله. وربما هنا يكمن التناقض، لأن آسيا جبار نفسها كانت واعية بهذا الإشكال، وناقشت في أعمالها هوية المرأة الجزائرية وما يعنيه أن تكتب عن التجربة الجزائرية بلغة المستعمر.

رمزية آسيا جبار ومعاناة الجزائر

آسيا جبار، التي ولدت في الجزائر وشرعت في مشوارها الأدبي كأول امرأة مغاربية تنضم إلى الأكاديمية الفرنسية، تعتبر رمزا للفكر الحر ومناضلة في سبيل حقوق المرأة، لكن تكريمها في بلاد استعمرت وطنها وحرمت شعبه من حقوقه، يطرح علامات استفهام كبيرة. إذ كيف يمكن لفرنسا، التي تنكرت لتاريخها الاستعماري المظلم، أن تحتفل بشخصيات ترفض التقديس لثقافتها المهيمنة؟

مفارقة التكريم واستغلال الإنجازات

الخطوة التي اتخذتها مدينة ألانسون، بالذات يوم 8 مارس، الذي صادف اليوم العالمي لحقوق المرأة ، تنطوي على مفارقة سافرة. ففي الوقت الذي تتجنب فيه فرنسا الاعتراف بظلمها الذي طال الشعب الجزائري، تسعى إلى استغلال إنجازات شخصيات مثل أسيا جبار لأغراض دعائية، وكأنها تظهر للعالم أنها تدعم حقوق المرأة، بينما في الواقع، يتم تجاهل حقوق الشعوب المستعمرة وذاكرتهم.

تساؤلات حول نوايا فرنسا

وفي هذا النوع من التكريم، ينبغي أن نتسائل: ما الفائدة من تسمية الشوارع والمكتبات باسم أعلام جزائريين إن كانت فرنسا ما تزال غارقة في إنكار تاريخها الاستعماري واستغلالها لموروثات الغير؟

إشادة بأثر آسيا جبار وتأثيرها

اللافت أيضا أن الشارع في بسكوت لم يكن بمفرده في هذا التوجه. فقد تم إطلاق أسماء نساء أخريات مثل هانا أرندت، لكن تبقى أسيا جبار هي الأبرز نظرا لعمق تجربتها وارتباطها بالجزائر.

ومهما كانت غايات فرنسا من وراء تكريم كتاب جزائريين وإطلاق أسماءهم على مؤسسات وشوارع، الا أنه يعد اعترافا على علو كعب الادب الجزائري في العالم، لا سيما الكتاب الذين أجادوا الكتابة بلغة الضاد إجادة قوية وتفوقوا أيضا في الكتابة بلغة المستعمر.

@ آلاء عمري

الإخبارية المصدر: الإخبارية
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا