عاد موقع Sud ouest الفرنسي للنبش في شخصية الماريشال السفاح توماس بيجو الذي ارتكب جرائم لا تنتسى في حق الأبرياء الجزائريين ابان الاستعمار الفرنسي هذا الاسم الجبان الذي يعتبر رمزا للوحشية والعنف.
يشرح الموقع ذاته، أن بيجو دخل صفوف الجيش الفرنسي ليصبح دون رغبة كبيرة منه أحد أبرز القادة العسكريين في القرن التاسع عشر لكن خلف واجهته كقائد، تكمن حقيقة إجرامية تفضح الوجه القبيح للاستعمار.
تظهر مسيرة بيجو القذرة في مفارقة غريبة تعكس حقارة صاحبها، أنه لم يكن يرغب في أن يصبح عسكريا، بل كان يتمنى أن يصبح رجل دين. وأي رجل دين يحمل كل تلك الدوافع الإجرامية وكروموزومات القتل والإبادة، لكن الأمور تغيرت، يشير الموقع ذاته ووجد نفسه في عالم الجيش حيث بدأ حياته كجندي بسيط.
ومع مرور الوقت، بدأ بيجو في تسلق السلم العسكري، حتى أصبح قائدا معروفا. لكن هذه المسيرة لم تكن مجرد تحقيق لطموح شخصي، بل كانت بداية لسفاح قاتل ومجرم تفنن في تعذيب وقتل الجزائريين.
عندما تولى بيجو منصب الحاكم العام للجزائر، بدأ في تنفيذ سياسات قاسية وصارمة ومتغطرسة وإجرامية. من بين أسوأ الجرائم التي ارتكبها كانت “الإنفوماد”، حيث تم حرق الكهوف لقتل المدنيين الذين لجأوا إليها.
وهذا ليس مجرد حادث، بل هو تجسيد لعقلية الاستعمار الذي يتعامل مع السكان الأصليين كأعداء، دون الاعتراف بحقوقهم الإنسانية.
استخدم بيجو أساليب وحشية في الحرب، حيث كان يعتقد أن استخدام القوة المفرطة هو السبيل الوحيد لتحقيق السيطرة. عرف بالمقولة الإجرامية والقذرة: “إذا كان لدي 50 ألف امرأة وطفل أمامي، سأستخدم المدفعية ضدهم.” هذه العبارة تكشف عن فكرته المنحرفة والإجرامية حول الحرب، حيث كان يعتبر القتل والتدمير وسائل مشروعة لتحقيق الأهداف العسكرية.
على الرغم من أن السفاح بيجو ظل يعتبر بطلًا في عيون الكثيرين في فرنسا خلال القرن التاسع عشر، إلا أن هذا التصور أو الوهم تغير بشكل جذري في العصر الحديث.
ففي عام 2020، تم لف حبل على رقبة تمثاله في مدينة بيريغو بحبل، اعقبه احتجاج شعبي عارم على تاريخه الدموي. هذه الخطوة تعكس الوعي المتزايد للجيل الحالي حول الفظائع التي ارتكبها الاستعمار، وتدعو إلى إعادة تقييم الرموز التاريخية التي تمجد القتلة.
تزايدت في المقابل الأصوات المطالبة بالاعتذار عن الجرائم الاستعمارية، بما في ذلك دعوات الصحفي جان ميشيل أباتي، الذي أكد على ضرورة تقديم اعتذار رسمي للشعب الجزائري. هذه الدعوات ليست مجرد أحاديث فارغة، بل هي دعوات إلى مواجهة التاريخ الاجرامي لفرنسا في الجزائر.
تظهر قصة بيجو أن التاريخ لا يكتب فقط بالبطولات، بل أيضا بالجرائم ومهما سعت فرنسا إلى تلميع صورة سفاحيها الا أن تاريخها الإجرامي مفضوح وجلي وسجله التاريخ بأحرف من دماء. وأن فرنسا لا تملك تاريخا مشرفا لتدرسه لأبناءها ولا قادة يليق الاحتفاء بهم وتمجيد ذكراهم، فالتاريخ لا ينسى ولا يرحم.
@ آلاء عمري