في مشهد يعكس بوضوح كيف يمكن للفن أن يتحول إلى مجرد عرض استعراضي تافه، أثار الفنان المصري محمد رمضان جدلا واسعا بعد ظهور فيديو له وهو يوزع “رزم” من الأموال في الشارع، وسط حشد كبير من المعجبين.
وقام الفنان الثري، بتقبيل أحد الأشخاص الذي منحه النقود، قبل أن يعطيه سترة حمراء، مما زاد من حالة الاستغراب حول طبيعة هذا العرض.
المشهد، الذي يبدو للوهلة الأولى وكأنه عمل إنساني، سرعان ما تحول إلى موضوع نقاش حاد على منصات التواصل الاجتماعي.
وقد طرح ملاين المتابعين سؤالا موحدا: هل هي حقا أموال حقيقية، أم أنها مجرد مشهد تمثيلي آخر “شو” في مسيرة رمضان الفنية؟.
ويبدو أن الهدف من هذا العرض هو الترويج لبرنامج رمضان الجديد “مدفع رمضان”، الذي سيبث خلال الشهر المبارك عبر شاشة “دي إم سي”.
فعل يحتاج الفنان المثير للجدل والذي يطلق على نفسه “نمبر وان”، فعلا إلى هذه الوسائل الاستعراضية لجذب الانتباه؟ أم أن الجمهور أصبح ضحية لأساليب التسويق المبتذلة التي تفتقر إلى المضمون؟.
ثم أن استخدامه للأموال كوسيلة لجذب الجمهور ودخوله بترسانته حيا شعبيا فقيرا في مصر ، أغلبهم من الكادحين والمهرولين خلف “رغيف العيش” يعكس نوعا من الاستهتار بالقيم الإنسانية، حيث يتم تحويل العطاء أو الصدقة إلى مجرد وسيلة للترويج للذات وكسب ود المعجبين.
المسألة لا تتعلق فقط بما يقدمه رمضان، بل بكيفية استقباله من قبل الجمهور والهستيريا التي انتابت الشباب حين اقتحم بسيارته الفارهة “تسلا” لمطلقها إيلون ماسك، شوارع القاهرة القديمة.
وبينما ينظر البعض إلى هذه الأفعال على أنها لفتة كريمة، فإن آخرين يرون فيها استغلالا رخيصا لمشاعر الناس. وإذا كان رمضان يسعى إلى تقديم شيء إيجابي، فلماذا لا يقوم بذلك دون الحاجة إلى الكاميرات؟. ثم لماذا لا يُظهر دعما حقيقيا للمحتاجين بدلا من استعراض ثروته في الشارع؟.
وفي ظل الأجواء الرمضانية، كان من الأجدر أن يتجه رمضان نحو أعمال خيرية حقيقية، تعبر عن روح الشهر الكريم، بدلا من تقديم مشاهد تبدو وكأنها مهربة من مسرحية هزلية بليدة.
الأهم من ذلك، أن هذه التصرفات قد تؤدي إلى تعزيز صورة سلبية عن الفن والفنانين، حيث تتغلب الضجة الإعلامية على الرسالة الحقيقية. فبدلا من أن يكون رمضان قدوة، يتحول إلى مجرد شخصية تبحث عن الشهرة على حساب القيم الإنسانية، التي تجعل شهر رمضان مميزا، وليس فرصة لتوزيع الأموال أمام الكاميرات.