الجزائر الآن _ وكأن العالم كله، بملايير البشر وملايين الكيلومترات اعتزل واندثر،فكل الانظار مسلطة على ماقاله، مايقوله وماسيقوله، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أقوى كيان على سطح الأرض .
و نحن نتكلم هنا على القول
فماذا لو انتقل القول لفعل؟
تكلمت فيما مضى، في مقالات عدة، أن العالم قبل ترامب، لن يكون نفسه بعد اعتلائه السلطة، وكأني أرى الأمر يتحقق، فقد أصبحت الشهور والسنوات عبارة عن ايام وساعات. اختزل الوقت، العالم لا يستطيع الانتظار وكأنه أمر جلل، سيحدث، أو يسرعون حدوثه.
تحلق الطائرات وتقصف، وتنطلق الطائرات بدون طيار وتدمر أهدافها، فلا “كييف” سقطت ولا” القيصر” تزعزع.
يتكلم “الأفغان” لغة الحرب، ويرقصون على قرع طبول الحرب، فلا طالبان اندحرت ولا أفغانستان تحررت.
بينما الحرب، وأهوالها، تفتك بالأخضر واليابس، في الشرق والغرب، يقرر أحدهم و( ليس أي أحد طبعا) ، ان يبرمج آلة الاعلام العالمية لتنفيذ ما خطط له اجداده الغابرين، وطوره في كنف معابد اللاهوت وأنتجه في مخابر الظلام.
فبدل الصواريخ والحروب، قرر التسلل إلى أعماق عقول الشعوب، وذاكرتهم، وقام باستبدال اسم رئيس دولة بآخر، وحتى تتفاجأ بالواقع الجديد وتصاب بصدمة، فقد استبدل نفس الاسم بنفس خلفه، في كل مكان، في القنوات، الجرائد، المنصات، الألعاب، الأفلام، البرامج ، الملتقيات ..
وكأنه زر واحد، قام بكل هذا في نفس الوقت، في العالم الرقمي والمادي.
في الوعي واللاوعي
في الموجود والمخفي ..
فمرحبا بكم في عالم اللا معقول .
رؤساء يستبدلون بآخرون.
كيانات يراد لها ان تكون
وبلدان يريدون مسحها من الكون
شعوب يراد لها ان تهجر، يريدون تحريكها من اوطانها كما تحرك الملكة على رقعة الشطرنج، كل هذا ينفذ بضغط زر آلة الاعلام، لتبدأ بث سمومها.
ترفع رأسها لتبحث عن ضحيتها، تخترق كل جدار ، تقهر العقل القوي، تمسح الذاكرة، تغير السلوك، وتجعل الممنوع مسموحا والغير المقبول مطلوبا، وقد يصبح ماتراه مستحيلا وغير معقولا ويستحيل قبوله، أو مناقشته اليوم، مطلبا في المستقبل القريب، وهذا ماتريده آلة الاعلام لتنفيذ هوس الروح الموؤودة .
ان قلاع الامبراطوريات الاعلامية، وقد هبت عليها رياح مايعرف بصناع المحتوى، لتجرح كبرياءها بنمط جديد غير مألوف، فرض علينا أن نجعلهم اول ادوات آلتنا الاعلامية، لنختار منهم الأنجع والأكثر تأثيرا، ولا يهم أن كان مهرجا او عالما، مايهمنا هو أن يؤثر فيمن نريد لهم تتبعنا، لمن نريد توجيههم إلى ما نريد لهم أن يكون.
لن نقتصر على اختيارهم ( صناع المحتوى)، بل سنصنعهم، وسنكبرهم، ونرافقهم ، حتى يصبحون فتاكين، نمولهم، نجملهم ، ونتجمل بهم، لنجعلهم في منتدى لصناع المحتوى، يتبع إلى آلة الاعلام، ليكون سلاحنا الجديد.
لكن هنا يطرح السؤال الأبرز :
ماذا عن كبرياء من صنعوا مجد الإعلام؟
الجواب :
لا عليك، فقلعة المؤسسة الاعلامية لن تهزها رياح العصر الحديث سواء من مرتاديه، أو من المروجين له، ولهذا ستكون الآداة الثانية لآلة الاعلام مؤسسة اعلامية ضخمة، تتجسد عن طريق شبكة اعلامية عالمية، تتلكم لغة العدو قبل الصديق، توجه الرأي العام وتصنعه ، تكون منارة وايقونة للوطن والمواطن، سلاح فتاك في يد الحق والعدالة، كابوس مرعب للعدو والمتربص.
يتبع..
الكاتب : رفيق شلغوم ، مؤسس ،ومدير صحيفة “الجزائر الآن” الالكترونية، وكاتب مقال “رأي” بعدد من الصحف العربية