آخر الأخبار

أبوجرة جرة سلطاني يكتب "للجزائر الآن": ماذا يريد اليمين المتطرف من الجزائر ؟؟

شارك
بواسطة بقلم : أبوجرة سلطاني (وزير سابق)
مصدر الصورة
الكاتب: بقلم : أبوجرة سلطاني (وزير سابق)

• 132 عاما من الحرائق لم تشف غليل المتطرفين.

• مليون ونصف مليون شهيد ومازال كثير من المتطرفين يصبون الزيت على النار.

• اليمين المتطرف يريد “جزائر فرنسية” والشعب الجزائري يريدها جزائر الشهداء.!!

الجزائرالٱن _ المتتبع للعلاقات الجزائرية الفرنسية منذ نهاية القرن 18 الميلادي (قبل حادثة المروحة) يخيل إليه أنه لا يوجد في ضفتي المتوسط سوى الجزائر جنوبا وفرنسا شمالا. وأن مجموعة 5+ 5 مختزلة فيهما سلبا وإيجابا. وأن استقرار حوض المتوسط مرهون بسلامة علاقتهما وبانسجام مواقفهما.. وأنه كلما توترت العلاقة بينهما كانت لها انعكاسات سلبية على دول الضفتين وعلى عمقهما الإفريقي والأوروبي. وتلك حقيقة مشهودة.

فمنذ صعود اليمين إلى سدة الحكم في مجمل دول أوروبا عموما وفي فرنسا على وجه الخصوص بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 ووصول اليميني نيكولا ساركوزي إلى سدة الحكم أحاط نفسه بالموتورين فدخلت العلاقة الجزائرية الفرنسية في مناطق زوابع كثيرة جعلت قيادة البلدين في حالة تأهب دائمة لتلافي الوقوع في “مطبات سياسية” قاتلة..!! تجعل المنطقة كلها في وضعية ترقب لما بعد الدبلوماسيةالناعمة بسبب تشابك المصالح بين ضفتي المتوسط إلى العمق الإفريقي وبتعقد مكونات المجتمعين الجزائري والفرنسي وما لهما من تأثير على جميع الأصعدة في أبعادها التاريخية واللغوية والاجتماعية والثقافية.. وفي تشابك المصالح الصناعية والتجارية والمبادلات المتنوعة بين البلدين على نحو جعل تصدير (شوكولاتة المرجان) الجزائرية تهديدا لتجارة الاتحاد الأوروبي في نظر فرنسا .!! بإيعاز من بعض الدوائر الفرنسية المتطرفة التي لا ترى في الجزائر إلا “مستعمرة قديمة” مازالت تابعة تاريخيا ولغويا وجغرافيا.. لفرنسا..!! بينما يعتز كل جزائري بافتكاك حريته واستقلال بلده واسترجاع سيادته بثمن باهظ. ولا يرى بلده إلا جزائر الشهداء.

وفي المقابل فإن أطروحة (المستعمرات القديمة) مازالت قناعة سياسية وثقافية وتاريخية يعتقدها تيار اليمين المتطرف في فرنسا..!! وتعبر عنها تصريحاتهم ومواقفهم وتنطق بها كتاباتهم وتبثها قنواتهم ولا يخفيها زعماء هذا التيار. وتشتد – أكثر ما تشتد – خلال حملاتهم الانتخابية حتى تبلغ درجة المناداة بطرد الجالية السمراء (الإفريقية) من فرنسا وتفريغها من المهاجرين جميعا ومن الجزائريين خصوصا وتضييق شروط التنقل والإقامة وإلغاء التأشيرات ومعالجة تصاريخ الإقامة حالة بحالة وتجميد “اتفاقية 68” ووقف التحويلات المالية وإلغاء مساعدات التنمية والتضييق على المساجد والمٱذن والحجاب.. بذريعة مكافحة (الإسلاموفوبيا)؛ والتوجس من كل ما هو جزائري حتى العلم الوطني في ملاعب كرة القدم..!! وهتافات الجزائرين بحياة فل$طين وبشعارهم الرياضي( وان تو ثري فيفا لالجيري..!!). وكل ذلك يتخذ ذرائع للتحرش بالجزائر وعرقلة مصالحها.

وفي السنوات الأخيرة تجاوزت هذه التحرشات السياسية والثقافية المستفزة عتبة السياسة ورواقات الدبلوماسية والميديا. إلى التشريع والقانون (كما حدث في فبراير 2005 باقتراح كتلة اليمين المتطرف في البرلمان الفرنسي التصويت على قانون “تمجيد الاسعتعمار”..!! وتم لهم ما أرادوا) والاستخفاف بكل جزائري يدعو إلى حماية الذاكرة بزعم أن البحث في الذاكرة من اختصاص المؤرخين وليست مادة سياسية ولا هي حق شعب استعمر 132 سنة.. وكأن هذه الحقبة السوداء من تاريخ الشعب الجزائري ليست حقا للأجيال ليعرفوا الثمن الباهظ الذي سدده ٱباؤهم تكلفة للحرية. أو كأن اليمين المتطرف لم تكفه هذه الحقبة المظلمة عارا عليه وعلى التمدن والحضارة .. ولم ترو ظمأه لشرب الدماء ارتقاءُ أزيد من 06 ملايين شهيد بين سنوات 1830/ 1962. بمن فيهم مليون ونصف مليون شهيد خلال ثورة التحرير المباركة..

فماذا يريد اليمين الفرنسي المتطرف من الجزائر؟؟

خلال زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي للجزائر زيارة دولة بدأها يوم (03 ديسمبر 2007) في أجواء متوترة بسبب تصريحات وزير المجاهدين الجزائري وقتذاك تصريحات سبقت الزيارة. وبسبب ردود عنيفة من طرف (برنار كوشنير وزير خارجية فرنسا). طغت على الزيارة ذاكرة تاريخ الاستدمار.. ولما خطب ساركوزي في جامعة قسنطينة لف ودار وقفز فوق القضايا التي كانت مطروحة.. وصرح بأن: ” الأبناء لا يعتذرون عن أخطاء ٱباىهم. ولا يمكن أن نطلب من الأبناء الاعتذار عن أخطاء ٱبائهم”. وهو حق أريد به باطل؛ لأنه لو كان صادقا في تصربحه مع نفسه لأقر بوقوع الخطأ وقال أما الاعتذار فله منافذ أخرى وقنوات يتكفل التاريخ بفتحها..!! ولكنه تحدث بلهجة مستعلية استفزت ابن مجاهد (ولعله كان ابن شهيد) فانتفض في وجهه وقال كلاما غاضبا فهم منه الرئيس ساركوزي أن خطابه مردود عليه وأن زيارته للجزائر – بهذه الصورة- غير مرغوب فيها..!! ولكنه تجاهل الرسالة ظاهريا واستيقنتها نفسه بأن الأبناء يحتفظون برصيد كرههم لثقافة الاستعمار. ويطالبون بحق الآباء في الاعتراف والاعتذار والتعويض.

ومنذ شهر جويلية/يوليو 2024 عرفت العلاقات الجزائرية الفرنسية موجة متصاعدة من النفخ في الرماد العنصري..!! دشن اليمين المتطرف أولى حلقاتها بحديث غير لائق عن دعم خطة “الحكم الذاتي” للصحراء الغربية بزعمهم أنها الحل الوحيد لحل النزاع الناشب بين المملكة المغربية والشعب الصحراوي. ما حمل الجزائر على تذكير فرنسا الرسمية بأنها تتدخل في شأن موكول لهيئة أممية. وأنها ترتكب بهذا السلوك عدوانا سافرا على الأمم المتحدة وتتجاهل الإتفاقية الدولية التي تنص على حق الشعوب في تقرير مصيرها بوصف هذا النزاع تصفية استعمار مطروح على طاولة الأمم المتحدة.. !! فما دخل فرنسا في هذا الشأن؟؟

ثم توالت موجة التصعيد من اليمين المتطرف بدعم من بعض الجهات الحاقدة على الجزائر.. وكان ٱخر تصعيد تحريك بعض عملاء فرنسا الرسمية وحثهم على التشويش لهز استقرار الجزائر وأمنا.. ولما وجدوا الأبواب موصدة عمدوا إلى افتعال قضية سموها ظلما “قضية بوعلام صنصال”. وقضية أخرى تمثلت في ترحيل أحد المؤثرين الجزائريين المقيمين بصفة رسمية في فرنسا والمتمتعين بكامل حقوق المواطنة.. تم ترحيله إلى الجزائر دون إعلام الطرف الجزائري ولا التنسيق مع المصالح المعنية.. فلما تم رده قامت قائمة اليمين المتطرف ولم تقعد..!!

ومع ذلك حافظت الجزائر على هدوئها وتعاملت مع هذه التحرشات بكثير من الحكمة والرصانة ورباطة الجأش.. مكتفية بتذكير فرنسا الرسمية بواجباتها التاريخية وبحق الشعب الجزائري في الاعتذار.. وبمطالبة السلطات الفرنسية القائمة بتنظيف أرض الجزائر من نفاياتها ومما خلفته تجاربها النووية في الصحراء الجزائرية من دمار.. وعمد السيد رئيس الجمهورية بوضع كثير من النقاط البارده على حروف ساخنة في حوار مطول أدلى به لعنوان فرنسي محترم. فكشف عن “الوجهة الرسمية” للدولة الجزائرية تجاه العلاقات الثنائية والمتعددة من غير كثير ضجيج ولا ابتزاز ولا نظرة مستعلية.. إذا كان في نية الدولة الفرنسية ترميم علاقتها بالجزائر وتمتين مقترح معاهدة الصداقة. ذلك أن مضامين “معاهدة الصداقة” لا تتجسد إلا بتخلي مستعمر الأمس عن النظرة الاستعمارية المستعلية والاستداد لصياغة مشتركة للتاريخ – بعد الاعتذار – والمعاملة بالمثل من موقع سيادة كل بلد على أرضه وعلى مكوناته التاريخية واللغوية والثقافية.. والتسليم للشعب الجزائري بحقه التاريخي في المحافظة على ذاكرته وتوريثها للاجيال. وبحقه في مراجعة اتفاق الشراكة على مبدأ “رابح/رابح) دون أن يكون ذلك ذريعة لليمين المتطرف لإثارة مزيد من الزوابع في سماء الاتحاد الأوروبي. فالجزائر مستقلة منذ 63 عاما. ولن تكون سوى جزائر الشهداء.

شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا