آخر الأخبار

التطبيع.. بين "منطق الدولة" ومنطق موح القهوجي

شارك الخبر

منطق الدولة يختلف جذريا عن منطقي أنا ومنطقك أنت من جماعات القهاوجية (أرا قهوة بيا سيري)، خاصة إذا تعلق الأمر بموضوع حساس كالتطبيع بعد حديث الرئيس عنه، فالوضع الدولي الآن هش لأقصى الحدود، وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وحرب غزة كبيرة، وعودة صاحب الاتفاقيات الابراهيمية ترامب الذي فرض في عهدته الأولى التطبيع على بعض الدول العربية وبينها نظام خموس عليه محمد سكس، سيكون مدفوعا في عهدته الثانية الوصول إلى درة التاج الإسلامي السعودية، في محاولة لفرض التطبيع على الجميع بما في ذلك الجزائر إن استطاع، وذلك دون إقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس (يذكر أن ترامب هو أول رئيس أمريكي نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس).

هذا يعني أن الجزائر المعروفة بمواقفها ضد التطبيع ستكون في وضع حرج للغاية، ولعل في تفاصيل التفاهم الأمريكي الجزائري الذي حصل مؤخرا بعد وصول ترامب، ما قد يشير إلى هذا الأمر، والذي فرضته معادلات التراجع الروسي، وحتمية إقامة الجزائر توزانا ذكيا يحفظ أمنها بعيدا عن تجاذبات موسكو وواشنطن الكلاسيكية.

والحاصول يا بن عمي، ما قاله الرئيس اليوم ليس جديدا، وحجم الهجوم الذي تعرض له مرتبط بتنامي التعاطف الوطني مع القضية الفلسطينية ومع غزة وهي تدفع بدماء شعبها وقادتها لمنع مخطط تصفية القضية، وسيكون على الغاضبين من بيننا برأيي ممن يحركهم المنطق القهوجي لا منطق الدولة، أن يتذكروا اليوم تصريح الرئيس تبون كما لو أنه تصريح بورقيبة الذي قبل لوحده قرار التقسيم مناصفة وفقا لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181 لعام 1947، قبل أن يتحول القبول بـ22 بالمائة من أرض فلسطين التاريخية إلى حلم جميع الدول العربية بعد 67 دون أن يحققوه، وأصل الحكاية ولبها أن كل الأنظمة العربية ستطبع راغبة أو مكرهة بعد تطبيع السعودية، دون الحاجة إلى الالتزام بما يسمى المبادرة العربية في العام 2002 والتي هي أصلا مبادرة سعودية بإقامة الدولة الفلسطينية في حدود 67.

وستذكرون ما أقول لكم، أن الجزائر بموقفها المتجدد هذا ستبقى الدولة العربية الوحيدة غير المطبعة لأنها باتت تصر لوحدها تقريبا على شرط تعجيزي تخلى عنه الجميع هو إقامة الدولة الفلسطينية ولو في حدود 67، كتكتيك عبقري لمواجهة ضغوط العالم وخيانة كل العرب.. وستكون الجزائر التي تؤمن بأنشودة (من النهر إلى البحر) التي يتردد صداها في المظاهرات المؤيدة في شوارع الغرب، قد استعدت لمواجهة المؤامرات المتوقعة والتحالفات الشيطانية التي تحاك ضدها بالتشبث بالقانون الدولي، الذي داسته أمريكا والدول الأخرى، كحماية لأمنها القومي.

منطق الدولة لا تتحكم فيه العواطف الجياشة، ولا يكون وفق رؤية عقائدية لا تأخذ في اعتبارها التوازنات الدولية ومصلحة الوطن القريبة منها والبعيدة، ومع ذلك فإن ما صدر لو تمت قراءته بهدوء ضمن سياقات ما يجري في المنطقة والعالم، لأدرك الغاضبون والمشككون أن الجزائر لن تطبع أبدا، لأن طبيعة الكيان توسعي، وهو سيزول قبل أن يعترف بأي دولة فلسطينية، وأن منطق موح القهوجي مضمر داخل منطق الدولة، لكن بحنكة وقراءة أعمق فقط.

الإخبارية المصدر: الإخبارية
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا