في زمن تتصارع فيه الحقائق مع الأكاذيب، يظهر لنا “عسكري فرنسي مزيف” في مشهد كوميدي يجسد مدى انحطاط بعض العناصر التي تسعى إلى زعزعة استقرار الجزائر.
هذا “الضابط” الذي يبدو أنه خرج من فيلم هوليودي رديء، لم يستطع أن يميز بين الواقع والخيال، وقرر تهديد الجزائر بالقنبلة النووية. لكن في عالم تسوده القوة والكرامة، يتضح أن من يهدد الجزائر ليس إلا شخصاً مهووساً يسعى إلى الشهرة من خلال دعاية فارغة. فبينما يخطط هذا “المزيف” لأعماله الخيالية، تظل الجزائر شامخة، تُظهر قوة صمودها وثباتها أمام محاولات التشويه.
في الفيديو، يُقدم الشخص المسمى باسكال تريفانغوي نفسه كـ”متحدث باسم ملك المغرب”، ويتحدث عن تهديدات تشمل هجومًا نوويًا على الجزائر. لكن تحقيقات وكالة الأنباء الفرنسية، كشفت المستور وفضحت المزعوم، وقالت إن ما جاء على لسان هذا المزيف، لا يعدو أن يكون مجرد ادعاءات مضللة. فقد تبين أن تريفانغوي ليس له أي علاقة بالجيش الفرنسي، وأن الزي الذي يرتديه لا يتوافق مع المعايير العسكرية الفرنسية.
تريفانغوي معروف بنشاطاته الاحتيالية، بما في ذلك قضية في البرازيل تتعلق بسرقة نحو 160,000 يورو.
وقد تم اتهامه أيضًا بقتل والده بالتبني في عام 2010، مما يعكس سلوكياته الغريبة والشاذة التي تميل الى الجنون والهذيان، بما في ذلك ظهوره في مقاطع فيديو أخرى وهو يتنكر في زي امرأة.
تجاوزت تصريحات تريفانغوي حدود العقل، حيث زعم أن “الجزائر لم توجد أبداً” وأنه ينبغي تقسيمها بين المغرب وتونس وجزء من ليبيا تحت السيطرة الفرنسية. كما دعا إلى انقلاب في فرنسا لاستعادة نظام ملكي تحت حكم ملك خيالي.
رغم أن تصريحات تريفانغوي تبدو غير منطقية، إلا أنها وجدت صدى لدى بعض الصفحات على فيسبوك، مثل “تحالف دول الساحل”. هناك أيضًا مجموعة من الناس الذين يصدقون مزاعمه ويدعمون مقاطع الفيديو الخاصة به على يوتيوب، مما يبرز مدى تأثير الدعاية المضللة.
تأتي هذه الضجة في وقت تتسم فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية بالتوتر، نتيجة للاختلافات التاريخية والأزمات الدبلوماسية المتكررة. يكشف هذا الوضع عن الحاجة الملحة للجزائر للبقاء يقظة أمام حملات الدعاية التي تهدف إلى زعزعة إستقرار البلاد.
ومع تزايد انتشار الأخبار الزائفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي، تظل الجزائر تعزز جهودها في مجال التعليم الرقمي والتحقق من المعلومات. كما أن المواطن الجزائري فطن ويقظ وعلى دراية تامة بالمكائد التي تتربص بالجزائر، كما أن السلطات على وعي تام بالمؤامرات الخارجية. لاسيما وأن الجزائر وطيلة حملة عدوانية لم تقع ضحية للاستفزازات الناتجة عن الشائعات أو التلاعب.
وفي عالم تتسارع فيه وتيرة المعلومات، تبرز أهمية التمييز بين الحقائق والأكاذيب لحماية سيادة البلاد وصورتها على الصعيد الدولي. إن هذا الحادث يسلط الضوء على ضرورة تعزيز الوعي والحرص في التعامل مع المعلومات المتداولة، لضمان عدم الانجرار وراء الفوضى الناجمة عن الأخبار الزائفة.
@ آلاء عمري