آخر الأخبار

مسجد باريس يتضرع إلى الله من أجل أمن فرنسا

شارك الخبر

في خطوة أثارت جدلاً واسعًا، أمر الشيخ شمس الدين حفيظ، عميد مسجد باريس، الأئمة بتخصيص دعاء خالص مفعم بأمنيات الخير لفرنسا بعد خطبة الجمعة.

يأتي هذا القرار الغريب في وقت حساس، حيث تشتعل المشاكل التاريخية والسياسية بين الجزائر وفرنسا، مما يثير تساؤلات حول نوايا الشيخ ومدى إدراكه لهذه القضايا.

اللهم احفظ فرنسا وشعبها ومؤسسات الجمهورية!

في رسالة أُرسلت يوم الخميس إلى 150 إمامًا تابعين للمسجد الكبير في باريس، تكشف وكالة الانباء الفرنسية، أمر المُعَتَمَد من الأئمة “إدخال دعاء في نهاية خطبة كل يوم جمعة، باللغة العربية والفرنسية”. وأكد على أهمية “الاهتمام البالغ بتنفيذ هذا الطلب”.

الدعاء المقترح هو: “اللهم احفظ فرنسا، وشعبها، ومؤسسات الجمهورية. اجعل فرنسا دولة مزدهرة وآمنة وهادئة، حيث تعيش الأمة الوطنية، بتنوعها واختلاف أديانها ومعتقداتها، في أمان وسلام”.

دعاء الوطن: بين الوطنية واللامبالاة!

ويأتي هذا الدعاء الخالص لفرنسا، في الوقت الذي يستحضر فيه الجزائريون مآسي الاستعمار الفرنسي والجرائم الفظيعة التي ارتكبت بحقهم، ويتجلى موقف الشيخ حافظ كصورة صارخة للاستخفاف بتلك الحقائق التاريخية. كما جاء قرار عميد مسجد باريس في وقت تتصاعد فيه التوترات بين الجزائر وفرنسا، بسبب قضايا متعددة مثل اعتقال المؤثرين الجزائريين، وقضية الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، مما يعكس استمرار النزاع حول حقوق السيادة والذاكرة التاريخية. فكيف يمكن لشخص في مكانته أن يتجاهل هذه الحقائق المروعة ويقدم دعاءً يعبر عن الولاء لفرنسا، الدولة التي لا تزال تمثل رمزًا للألم والظلم؟ أليس من الأجدر به أن يوجه دعاءه نحو العدالة ، بدلاً من تعزيز صورة نظام لا يزال يثير الغضب في قلوب الكثيرين؟ إن هذا الموقف ليس فقط خيانة لذاكرة الشهداء، بل هو أيضًا تواطؤ مع تاريخ مؤلم يجب أن يُعترف به لا أن يُنكر.

موقف الجزائر وغياب الرؤية في مسجد باريس!

ويبدو أن الشيخ شمس الدين حفيظ لم يبال بموقف الجزائر الثابت تجاه فرنسا، حيث جاء خطاب رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون واضحا وصريحا وشجاعا، ليؤكد على ضرورة الاعتراف بالجرائم الاستعمارية الفرنسية والمطالبة بالاعتذار والتعويض عن الأضرار التي لحقت بالشعب الجزائري. ومع ذلك، يختار الشيخ حافظ تجاهل هذه الرسائل الواضحة، مما يثير استغراب المراقبين.

ويأتي هذا الدعاء الغريب أيضا في أعقاب خطاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أثار زوبعة من الانتقادات بسبب تصريحاته المثيرة للجدل تجاه الجزائر، مما يعكس تباينًا صارخًا بين موقف مسجد باريس ومواقف السلطات الجزائرية. هذا التجاهل لمواقف الجزائر، وخاصة بعد تصريحات ماكرون التي اعتبرت استهانة بماضي الجزائر، يزيد من تساؤلات المجتمع المسلم في فرنسا حول مدى التزامه بقضايا وطنه الأم.

ان هذه الخرجة تُظهر بوضوح أن موقف مسجد باريس متناقض مما يثير القلق بشأن دوره كمنصة للتعبير عن قضايا المسلمين في فرنسا، بدلًا من كونه أداة لتعزيز العلاقات مع دولة تاريخيًا تسببت في آلام عديدة.

هذا هو مسجد باريس الذي تعرفه الجزائر!

لطالما كان مسجد باريس الكبير رمزًا مهمًا في سياق نضال الجزائر ضد الاستعمار الفرنسي. تأسس المسجد في عام 1926 كتكريم للمسلمين الذين خدموا في الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الأولى، ولكنه سرعان ما أصبح مركزًا للهوية الثقافية والدينية للجالية الجزائرية في فرنسا.

خلال فترة الاستعمار، لعب المسجد دورًا حيويًا في توحيد صفوف المسلمين الجزائريين، حيث احتضن الفعاليات الثقافية والاجتماعية التي ساعدت في الحفاظ على التراث والهوية الجزائرية. كان المسجد منصة للخطابات السياسية التي تعبر عن تطلعات الشعب نحو الحرية، مما ساهم في تعزيز روح المقاومة ضد الاستعمار.

بعد استقلال الجزائر عام 1962، استمر المسجد في لعب دور محوري كحاضنة للثقافة الجزائرية في الشتات، حيث نظّم فعاليات تهدف إلى تعزيز الوعي الجماعي بالقضايا الوطنية. ومثل مسجد باريس أكثر من مجرد مكان للعبادة؛ حيث كان رمزا للنضال والتضامن، وتجسيدا لإرادة الشعب الجزائري في مواجهة الاستعمار والحفاظ على هويته.

دعوة للسلام أم استسلام للواقع؟

قد يعتقد البعض أن الدعاء لفرنسا هو دعوة للسلام والتعايش، ولكن في واقع الأمر، يمكن أن يُنظر إليه كنوع من الاستسلام للواقع. فالشيخ حافظ الجزائري ، الذي يُفترض أن يكون صوتًا للمجتمع المسلم في فرنسا، يبدو وكأنه إختار أن يكون في صف السلطة الفرنسية بدلاً من الوقوف مع قضايا العدالة والمساواة. في ظل الظروف الحالية، قد يؤدي هذا القرار إلى تأجيج الانقسام والخلافات أكثر.

حوار مع المجتمع

من المهم أن نتساءل: كيف يتفاعل المجتمع المسلم في فرنسا مع هذا القرار؟ هل يشعرون بأنهم ممثلون بشكل حقيقي من قبل الشيخ حفيظ، أم أنهم يرون في قراراته تجاهلاً لآلامهم وتاريخهم؟ إن الحوار المفتوح بين الأئمة والمجتمع هو أمر بالغ الأهمية، ويجب أن تكون هناك مساحة لمناقشة القضايا الحساسة بدلاً من مجرد تقديم دعاء يعتبره البعض “استسلامًا”.

مسجد باريس: واقع الدين تحت وطأة السياسة الفرنسية!

مسجد باريس، الذي يُفترض أن يكون رمزًا للتنوع والتسامح في المجتمع الفرنسي، يبدو أنه قد خضع لتأثيرات سياسية تتجاوز مجرد الحفاظ على القيم الدينية. فالقرار الفرنسي الأخير بمنع استقدام الأئمة الأجانب يكشف عن تحول مقلق في العلاقة بين الدولة والدين. في الوقت الذي يطلب فيه عميد المسجد الدعاء لفرنسا، يظهر وكأن المسجد قد أصبح أداةً في خدمة أجندة سياسية تهدف إلى توجيه الخطاب الإسلامي بما يتماشى مع مصلحة الدولة، بدلًا من أن يكون منبرًا حرًا يمثل صوت المجتمع المسلم.

فهل أصبح مسجد باريس مجرد واجهة تُستخدم لتجميل صورة فرنسا أمام العالم، بينما يُخنق صوت الإسلام الأصيل؟ إن هذا التحول يُبرز تناقضًا صارخًا، حيث يُفترض أن يكون المسجد مكانًا للروحانية والتأمل، ولكنه تحول إلى مركز للامتثال السياسي، مما يُفقده جوهره ويُخالف مبادئ الحرية الدينية التي تدّعى فرنسا دفاعها عنها. ويُظهر هذا الواقع كيف يمكن أن تُستخدم المؤسسات الدينية كأدوات للسيطرة، مما يثير تساؤلات جدية حول مستقبل الحقل الديني الإسلامي في البلاد.

دعاء للمستقبل

في نهاية المطاف، يجب أن يتساءل الشيخ شمس الدين حفيظ عن فحوى الرسالة التي يريد أن يوصلها من خلال هذا الدعاء. فهل هو دعاء ليثبت مسجد باريس تبرأه من السجال الحاصل بين الجزائر وفرنسا، لاسيما بعد اتهامه منذ ايام بمساندة المؤثرين الجزائريين؟ إن القضايا بين الجزائر وفرنسا ليست مجرد تاريخ، بل هي جزء من الهوية الجماعية للمجتمع المسلم في فرنسا. فهل سيفكر الشيخ في تأثير قراراته على الأجيال القادمة، أم سيواصل السير في طريق قد يؤدي إلى مزيد من الانقسام؟ ينبغي عليه أن يتحمل مسؤولية كلماته وأفعاله، لأن الدعاء يجب أن يكون وسيلة لتعزيز السلام والعدالة، وليس مجرد كلمات تُلقى في الهواء دون التفكير في العواقب.

يُفترض أن يكون المسجد مكانًا للروحانية والتأمل، ولكنه تحول إلى مركز للامتثال السياسي، مما يُفقده جوهره ويُخالف مبادئ الحرية الدينية التي تدّعى فرنسا دفاعها عنها. ويُظهر هذا الواقع كيف يمكن أن تُستخدم المؤسسات الدينية كأدوات للسيطرة، مما يثير تساؤلات جدية حول مستقبل الحقل الديني الإسلامي في البلاد.

دعاء للمستقبل

في نهاية المطاف، يجب أن يتساءل الشيخ شمس الدين حفيظ عن فحوى الرسالة التي يريد أن يوصلها من خلال هذا الدعاء. فهل هو دعاء ليثبت مسجد باريس تبرأه من السجال الحاصل بين الجزائر وفرنسا، لاسيما بعد اتهامه منذ ايام بمساندة المؤثرين الجزائريين؟ إن القضايا بين الجزائر وفرنسا ليست مجرد تاريخ، بل هي جزء من الهوية الجماعية للمجتمع المسلم في فرنسا. فهل سيفكر الشيخ في تأثير قراراته على الأجيال القادمة، أم سيواصل السير في طريق قد يؤدي إلى مزيد من الانقسام؟ ينبغي عليه أن يتحمل مسؤولية كلماته وأفعاله، لأن الدعاء يجب أن يكون وسيلة لتعزيز السلام والعدالة، وليس مجرد كلمات تُلقى في الهواء دون التفكير في العواقب.

@ آلاء.ع

الإخبارية المصدر: الإخبارية
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا