تشهد ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، موجة من الإفلاسات غير المسبوقة تعيد إلى الأذهان آثار الأزمة المالية العالمية لعام 2008.
هذه الظاهرة تعكس التحديات الاقتصادية المزمنة التي تواجهها البلاد، حيث تسجل الأرقام مستويات مثيرة للقلق.
وفقًا لستيفن مولر، رئيس قسم الأبحاث حول الإفلاس في معهد halle الاقتصادي، فإن عدد الشركات التي أعلنت إفلاسها في ألمانيا قد بلغ مستويات خطيرة ومشابهة لتلك التي شهدتها فترة الأزمة المالية.
فقد كانت حالات الإفلاس تصل إلى حوالي 1400 شركة شهريًا خلال تلك الفترة، والآن بلغ هذا الرقم مجددًا، مع إغلاق حوالي 500 شركة صغيرة كل شهر، لكن القلق الأكبر يأتي من إفلاس الشركات الكبرى، التي تؤثر بشكل أكبر على الاقتصاد الوطني.
أرقام قياسية في عام 2024!
تقرير من وكالة الائتمان Creditreform أظهر أن ألمانيا شهدت حوالي 121300 حالة إفلاس في عام 2024، بزيادة قدرها 10.6 في المائة مقارنة بالعام السابق.
وفيما يتعلق بالشركات فقط، تقترب الأرقام من الأرقام القياسية المسجلة في 2009 و2010، حيث تجاوز عدد الشركات المفلسة 32000 شركة.
ويتوقع الخبراء أن يتم الوصول إلى هذا الذروة مرة أخرى في الأشهر القادمة.
تتعدد الأسباب الكامنة وراء هذه الموجة من الإفلاسات، حيث يسلط ستيفن مولر الضوء على آثار جائحة كوفيد-19، بالإضافة إلى سنوات من أسعار الفائدة المنخفضة تاريخيًا التي فرضتها البنك المركزي الأوروبي.
هذه الظروف أدت إلى خلق بيئة اقتصادية هشة، تفاقمت أكثر بسبب التعديلات الاقتصادية بعد الجائحة والتوترات المالية المستمرة.
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة التي أجراها معهد إيفو إلى تراجع ملحوظ في ثقة الشركات الألمانية.
فقد انخفض مؤشر مناخ الأعمال إلى 84.7 نقطة في ديسمبر، مقارنة بـ85.6 نقطة في نوفمبر.
هذا التراجع يعكس توقعات سلبية للعديد من الشركات، نتيجة للغموض الجيوسياسي والركود الصناعي المستمر.
مع اقتصاد يعاني بالفعل، تواجه ألمانيا “رياحًا معاكسة” قوية، كما يصفها الخبراء. الشبح المتمثل في ركود طويل الأمد، جنبًا إلى جنب مع زيادة حالات الإفلاس، يثير القلق بشأن قدرة البلاد على الحفاظ على تنافسيتها واستقرارها الاقتصادي.
في النهاية، إن الوضع الراهن في ألمانيا يثير تساؤلات جدية حول مستقبل الشركات الألمانية.
فمع تزايد حالات الإفلاس وتراجع الثقة، يتوجب على الحكومة اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لتفادي المزيد من التدهور.
إن عدم القيام بذلك قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على الاقتصاد الوطني، مما يجعل من الضروري أن تتحمل الحكومة مسؤولياتها في مواجهة هذه التحديات الصعبة.