تُظهر التقارير الاقتصادية أن عام 2024 كان من أسوأ السنوات الثلاثين الأخيرة في فرنسا، حيث تعاني البلاد من أزمة اقتصادية خانقة. تزايدت معدلات البطالة، وخاصة بين الشباب، في وقت شهدت فيه البلاد عدم استقرار سياسي خطير. هذه الظروف أدت إلى ارتفاع الديون العامة بشكل غير مسبوق، مما زاد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية.
الدين العام في مستويات تاريخية
تشير التقديرات التي نشرها موقع Capital الفرنسي، إلى أن الدين العام الفرنسي بلغ 3,303 مليار يورو في الربع الثالث من عام 2024، وهو ما يمثل 113.7% من الناتج المحلي الإجمالي. هذا الرقم يمثل علامة فارقة في تاريخ البلاد، حيث لم يُسجل مثل هذا المستوى من الدين منذ عقود.
وفي الوقت الذي تسعى فيه دول أخرى، مثل إيطاليا، إلى خفض ديونها، تواصل فرنسا السير في الاتجاه المعاكس، مما يثير القلق لدى المستثمرين.
سجل العجز العام في فرنسا رقماً قياسياً تجاوز 6.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024. هذا الرقم ليس مجرد إحصائية، بل يعكس فشلاً حكومياً في إدارة الميزانية.
وقد زادت الحكومة من إنفاقها دون وجود خطة واضحة للحد من العجز، مما ساهم في تفاقم الأزمة الاقتصادية.
مع تزايد الدين العام، شهدت أسعار الفائدة على السندات الحكومية ارتفاعاً ملحوظاً. بعد أن كانت تحت 2.6% في بداية عام 2024، ارتفعت الأسعار إلى 3.4% نتيجة عدم الاستقرار السياسي وفشل الحكومة في تمرير الميزانية. هذا الوضع يجعل الاقتراض أكثر تكلفة، مما يضيف عبئاً إضافياً على الاقتصاد الفرنسي.
تدفع الأزمات الاقتصادية والاجتماعية المتتالية البلاد نحو حالة من عدم الاستقرار. حيث يشهد المجتمع الفرنسي توترات متزايدة، وتلوح في الأفق بوادر الاحتجاجات نتيجة تدهور الظروف المعيشية.
ومن الواضح أن هذه الأزمات تتجاوز الأبعاد الاقتصادية، لتؤثر على الحياة اليومية للمواطنين.
تفاقمت أزمة الإسكان في فرنسا، مع زيادة الأسعار وندرة المساكن الميسورة. في ظل هذه الظروف، يجد العديد من الشباب والعائلات صعوبة في الحصول على سكن مناسب، مما يزيد من حدة التوترات الاجتماعية. والحكومة، بدلاً من اتخاذ خطوات فعالة لحل هذه الأزمة، تبدو عاجزة أمام التحديات المتزايدة.
مع وجود مؤشرات تدل على دخول البلاد في ركود اقتصادي، فإن التوقعات لعام 2025 تبدو قاتمة. يُتوقع أن تستمر الأزمات في التأثير على النمو الاقتصادي، مع احتمالية ارتفاع معدلات البطالة وتزايد العجز العام. بينما تسعى حكومات دول أخرى إلى تنفيذ سياسات تقشفية وتخفيضات ضريبية، تظل فرنسا في دائرة مفرغة من الفشل.
تواجه فرنسا اليوم أزمة اقتصادية خانقة تكشف عن فشل حكومي ذريع. مع ارتفاع الدين العام والعجز في الميزانية، تعاني البلاد من ركود اقتصادي يهدد مستقبل الأجيال القادمة. بينما تتبنى دول أخرى سياسات فعالة، تستمر فرنسا في دوامة من الفشل السياسي. إن استمرار هذا الوضع سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الاجتماعية، مما يضع البلاد أمام خيار صعب: إما الإصلاح الجذري أو الاستسلام للركود المدمر.
@ آلاء.ع