شهد الذهب خلال عام 2024 أداءً استثنائياً، حيث حقق مكاسب كبيرة تجاوزت توقعات الأسواق، ليحافظ على مكانته كملاذ آمن للمستثمرين. وتمكن المعدن النفيس من تسجيل أعلى مستوى قياسي له عند “2790 دولاراً للأوقية”، مما يجعله في طريقه نحو تحقيق أفضل أداء له منذ عام 2010.
ورغم التحديات التي واجهها في الأشهر الأخيرة، خصوصاً بعد فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، الذي عزز قوة الدولار وزاد من جاذبية الأصول ذات المخاطر مثل الأسهم، ارتفع الذهب بنسبة 28%، متفوقاً على مؤشرات رئيسية مثل “داكس” (+19%) ومتساوياً مع “ناسداك 100” (+26%).
ومع دخول عام 2025، تتزايد التوقعات بأن يواصل الذهب مسيرته الصعودية، وربما يصل إلى مستويات قياسية جديدة عند “3000 دولار”، إلا أن هناك تحديات اقتصادية قد تؤثر على أدائه مع بداية العام الجديد.
كان أحد الأسباب الرئيسية لارتفاع الذهب هو التوقعات بتخفيف البنوك المركزية لسياساتها النقدية، رغم المخاوف المستمرة بشأن التضخم. فمع تخفيض أسعار الفائدة، شهد الذهب تقلبات محدودة.
وفي ديسمبر، خفّض “الاحتياطي الفيدرالي” أسعار الفائدة مع توجيه تحذيرات بشأن المخاطر التضخمية المستمرة، وهو ما دفع الأسواق إلى الحذر. كما تبنّت البنوك المركزية الأوروبية والبريطانية سياسات مماثلة، مما دعم ارتفاع الأجور وزيادة الضغوط التضخمية.
مع بداية 2025، من المتوقع أن تبقى السياسات النقدية مشددة، مما يدعم عائدات السندات وقوة الدولار، وهما عاملان قد يحدان من جاذبية المعدن الأصفر. فعلى سبيل المثال، ارتفع مؤشر الدولار بشكل كبير من مستوى “100” في سبتمبر إلى “108.2” بنهاية ديسمبر، مسجلاً أعلى مستوياته منذ عام 2022.
كما تواجه الأسواق الاستهلاكية الكبرى للذهب، مثل الصين والهند، تحديات اقتصادية تؤثر على الطلب. ففي الصين، أثرت انخفاضات اليوان والتعافي البطيء من جائحة “كوفيد-19” على القدرة الشرائية. أما في الهند، فإن انخفاض قيمة الروبية جعل الذهب المقوم بالدولار أكثر تكلفة، مما أدى إلى تراجع الطلب المحلي، خصوصاً مع ارتفاع الأسعار.
رغم التحديات قصيرة الأجل، يظل الهدف عند 3000 دولار قابلاً للتحقيق، مدعوماً بعوامل اقتصادية وجيوسياسية. ويتوقع الخبراء أن يشهد مؤشر الدولار تراجعاً في الربع الأول من 2025، مع استقرار عائدات السندات عند ذروتها.
ويرى المحللون أن التوترات الجيوسياسية، والتحولات الاقتصادية الكبرى، وتصحيح الأسواق قد تدعم صعود المعدن النفيس. ومن المحتمل أن تستأنف البنوك المركزية مشترياتها من الذهب إذا شهدت الأسعار تصحيحاً مناسباً.
بحسب “أميت غول”، المؤسس المشارك لشركة “PACE 360″، فإن الذهب رغم التحديات في الأشهر الأخيرة، لا يزال يُظهر أداءً قوياً. ويشير إلى أن أي تصحيح زمني قد يكون قصير الأجل، مما يهيئ المعدن لتحقيق مكاسب كبيرة في النصف الثاني من عام 2025.
ويبقى الذهب استثماراً قوياً على المدى الطويل، مدعوماً بالتضخم المستمر والتوترات العالمية، مما يعزز جاذبيته كملاذ آمن ومخزن للقيمة.