( CNN ) -- تراجعت عوائد الشهادات البنكية في مصر خلال عام 2025 بعد خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة بنحو 725 نقطة أساس، في قرار من المتوقع أن ينعكس على سلوكيات الادخار لدى الأسر المصرية، خصوصًا الفئات التي تعتمد على العائد الثابت كمصدر دخل شهري، ما يسلط الضوء على البدائل الاستثمارية المتاحة، مثل أذون وسندات الخزانة وصناديق الادخار بالبنوك، خاصة مع استمرار الطلب على أدوات استثمار آمنة .
وقال الخبير المصرفي وعضو مجلس إدارة بنك القاهرة سابقا، محمد بدرة، إن تراجع عائدات الشهادات البنكية يؤثر بشكل مباشر على الادخار لدى الأسر المصرية، مُوضحًا أن هذا التأثير يكون أكبر في ظل غياب الوعي بوجود أدوات استثمارية أخرى يمكن أن توفر دخلًا ثابتًا، مثل أذون وسندات الخزانة أو صناديق الادخار بالبنوك.
وأضاف بدرة أن انخفاض عوائد الشهادات لم يلغ قيمتها بالكامل، خاصة مع انخفاض معدل التضخم الشهر الماضي، ما يعني أن العائد على الشهادات ما زال إيجابيًا، وهو معدل مقبول إلى حد ما، لكنه شدد على ضرورة زيادة الوعي بالبدائل الاستثمارية المتاحة للمودعين .
وعن توجه المستثمرين نحو أدوات أخرى، قال بدرة، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، إن نسبة كبيرة من مودعي الشهادات تعتمد عليها كمصدر دعم للدخل الشهري، والفئات الأكبر سنًا قد تتجه نحو الذهب خصوصًا مع توقعات ارتفاع أسعاره، أما سوق العقارات فقد بدأ يشهد تباطؤًا بسبب زيادة المعروض وصعوبة تسييل العقارات على المدى القصير .
وأضاف أن العوائد الحالية للشهادات ما زالت مغرية لجموع المودعين، خصوصًا أن العائد بدون ضرائب أو رسوم، لكنه شدد على أن التوعية بالبدائل، مثل أذون وسندات الخزانة أمر ضروري، مشيرًا إلى أن مميزاتها تكمن في سهولة تسييلها والحصول على العائد مقدمًا، مع أسعار أعلى من الودائع البنكية، بينما العيب الرئيسي هو قلة وعي بعض المودعين بها، رغم أن الفئات الكبرى أو العملاء المتميزين عادةً ما يكونون على علم بهذه الأدوات ويستفيدون منها .
ويأتي قرار تعديل أسعار العائد على الشهادات البنكية عقب إجراءات البنك المركزي المصري لخفض أسعار الفائدة، حيث قررت لجنة السياسة النقدية في اجتماعها الأخير خفض سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية بواقع 100 نقطة أساس إلى 20.00% و21.00% و20.50%، كما تم خفض سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 20.50%، ليصل إجمالي حجم خفض الفائدة خلال عام 2025 نحو 725 نقطة أساس .
وفي ظل هذا السياق، خفض أكبر بنكين حكوميين في البلاد، الأهلي ومصر، أسعار العائد على شهادات الادخار بالجنيه المصري، في خطوة تعكس آثار تخفيض الفائدة الذي نفذه البنك المركزي، حيث عدل البنك الأهلي المصري أسعار العائد على الشهادات البلاتينية، وأصبح العائد الشهري لمدة ثلاث سنوات 16%، فيما أصبحت الشهادات ذات العائد المتدرج الشهري 21% و15.25% و12%، وذات العائد السنوي 22% و17.5% و13 % .
وفي سياق مماثل، قرّر بنك مصر تعديل أسعار العائد على شهادات الادخار بالجنيه، عقب قرار البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة الأساسية بمقدار 1%، وجرت إعادة تحديد عائد شهادة "إبن مصر" الثلاثية المتناقصة ذات العائد الشهري ليصبح 20.5% في السنة الأولى، و16.25% في السنة الثانية، و12.25% في السنة الثالثة، مع إصدار نسخة بعائد سنوي متناقص 22% و17.5% و13.25%، كما خفض عائد شهادة "القمة" الثلاثية ذات العائد الشهري الثابت من 17% إلى 16 % .
وقال الخبير الاقتصادي والمصرفي، طارق حلمي، إن غالبية من لديهم شهادات لا يمتلكون خبرة أو وعيًا كافيًا بالدخول في أدوات استثمارية أخرى، مثل البورصة أو الذهب أو غيرها من الأدوات الإدخارية، كما أن سوق العقارات يشهد وفرة كبيرة في المعروض مما يحد من إمكانية التسييل السريع .
وأضاف حلمي، في تصريحات خاصة لـ CNN بالعربية، أن هذه الفئات تعتمد على الشهادات بشكل أساسي لأنها توفر دخلًا شهريًا ثابتًا يمكن الاعتماد عليه لتغطية الاحتياجات اليومية، ما يجعلها أداة استثمار آمنة نسبيًا رغم انخفاض الفائدة عن المستويات السابقة التي كانت تصل إلى 25% أو أكثر .
وأوضح حلمي أن أدوات مثل أذون وسندات الخزانة متاحة، لكنها معقدة بالنسبة للأفراد العاديين الذين لا يمكنهم الدخول في مناقصات مباشرة، كما أن العوائد الفعلية لهذه الأدوات قد تقل بسبب الضرائب والرسوم، ما يجعل الشهادات أكثر جذبًا للمدخرين التقليديين.
وتطرق أيضًا إلى تأثير خفض أسعار الفائدة على قدرة المستثمرين على تحقيق دخل ثابت، مؤكدًا أن هذا التخفيض جزء من سياسة التيسير النقدي للبنك المركزي، وأن الهدف منه هو تقليل تكلفة الاقتراض وتحفيز النشاط الاقتصادي، لكنه لن يغير من واقع اعتماد الأسر على الشهادات إلا بزيادة الوعي بالبدائل المتاحة .
وأشار حلمي إلى أن احتمال تحول بعض المستثمرين نحو الذهب أو البورصة يقتصر على الفئات الملمة بالأسواق الاستثمارية، بينما تظل أغلب الأسر والكثير من أصحاب المعاشات ملتزمين بالودائع والشهادات البنكية لما توفره من عائد مضمون دون مخاطرة.
وأضاف أن الشهادات البنكية الحالية ما زالت تجذب مدخرين جدد من نفس القطاع العائلي التقليدي، في حين تبحث الفئات الأكثر خبرة عن فرص في البورصة أو الذهب وأدوات أخرى، موضحًا أن ارتفاع التضخم النسبي يقلل من قدرة هذه الأسر على المجازفة في استثمارات بديلة.
المصدر:
سي ان ان