هنا في رام الله بالضفة الغربية المحتلة، تصبح الشقوق في لوحة الطين خريطة جرح وتفاصيل صمود بدلا من كونها عيباً فنياً.
حين قرر فنانو حركة "رؤى جديدة" قبل أربعة عقود مقاطعة الألوان الزيتية المستوردة والعودة إلى حضن الأرض، لم يكونوا يبتكرون نمطاً جمالياً فحسب، بل كانوا يؤسسون لبيان سياسي مغلف بجلد الأغنام وأصباغ الطبيعة.
اليوم، وبينما يطحن الحصار والنزوح جغرافيا المكان، ينهض إرث "رؤى جديدة" من جديد؛ من مرسم نبيل عناني الهادئ في رام الله وصولاً إلى خيام غزة، حيث تحول كيس الطحين الفارغ إلى "كانفاس" يروي قصة بقاء، في رحلة إبداعية تحوّل "الندرة" إلى سلاح والمواد المحلية إلى هوية لا تقبل المصادرة.
في هدوء، بمرسمه في مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، يعمل حازم حرب بجد على أعمال فنية متجذرة بعمق في حركة ساعد في تأسيسها خلال الاضطرابات السياسية في أواخر الثمانينيات.
تأسست حركة "رؤى جديدة" الفنية في عام 1987 على يد عناني وزملائه الفنانين سليمان منصور وفيرا تماري وتيسير بركات، وركزت على استخدام المواد الطبيعية المحلية مع تجنب المستلزمات الإسرائيلية كشكل من أشكال المقاومة الثقافية. أعطت الحركة الأولوية للاكتفاء الذاتي في وقت شهد اضطرابات سياسية عميقة في جميع أنحاء فلسطين المحتلة.
قال عناني: "ظهرت [رؤى جديدة] كاستجابة لظروف الانتفاضة. ألهمت أفكار مثل المقاطعة والاعتماد على الذات تحولًا في ممارستنا الفنية في ذلك الوقت".
اختار كل عضو من الأعضاء المؤسسين العمل بمادة معينة، وتطوير أساليب فنية جديدة تتناسب مع روح العصر. لاقت الفكرة رواجًا، وتلتها العديد من المعارض محليًا وإقليميًا ودوليًا.
بعد ما يقرب من أربعة عقود، لا تزال مبادئ "رؤى جديدة" – الاكتفاء الذاتي، والمقاومة، والإبداع رغم الندرة – تشكل جيلًا جديدًا من الفنانين الفلسطينيين الذين يعتبرون صنع الفن تعبيرًا وعملاً من أعمال البقاء على قيد الحياة.
يساعد عناني، البالغ من العمر الآن 82 عامًا، والأعضاء المؤسسون الآخرون في الحفاظ على إرث الحركة حيًا.
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة