في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
ساعدت عوامل محورية عدة العسكريين على السيطرة على السلطة في غينيا بيساو ، أبرزها إجهاض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية قبل إعلان نتائجها، وحل الرئيس المعزول عمر سيسكو إمبالو البرلمان، وإقصائه حزب الاستقلال التاريخي، إضافة إلى وجود عدد كبير من الضباط الفارين من ذوي الرتب العليا بسبب اتهامهم بمحاولات انقلابية سابقة.
ووفقا للخبير في الشؤون الأفريقية إسماعيل ولد الشيخ سيديا، فإن هذه العوامل مكنت الانقلابيين من النجاح في الاستيلاء على السلطة هذه المرة.
وأشار إلى أن إلغاء "المسلسل الانتخابي" -كما وصفه قادة الانقلاب- جاء في توقيت حاسم قبل إعلان نتائج الانتخابات، مما حال دون تشكل مقاومة سياسية منظمة.
وفي سياق متصل، أوضح ولد الشيخ سيديا أن الرئيس المعزول أسهم في خلق بيئة مواتية للانقلاب من خلال حله البرلمان وإقصائه حزب الاستقلال الذي ناضل ضد الاستعمار البرتغالي وقاد البلاد لأكثر من 20 عاما.
ومثّل هذا الإقصاء تهميشا لقوة سياسية رئيسية تمتلك رصيدا تاريخيا ودعما شعبيا واسعا.
ومن جهة أخرى، سلط الخبير في الشؤون الأفريقية الضوء على العامل الثالث المتمثل في وجود عدد كبير من الضباط الفارين من ذوي الرتب العليا الذين اتُهموا بالقيام بمحاولات انقلابية سابقة.
وأوضح أن وضعهم الهش دفعهم إلى المشاركة في الانقلاب كوسيلة لوضع حد للاحتقان السياسي والعسكري الذي تمر به البلاد، ولضمان مستقبلهم العسكري والسياسي.
وعلى صعيد التاريخ السياسي، وصف ولد الشيخ سيديا غينيا بيساو بأنها مستعمرة برتغالية سابقة مرت بتجارب انقلابية معقدة، حيث أُعلن نجاح بعضها في الصباح وفشلها في المساء، في حين أُجهضت محاولات أخرى قبل أن ترى النور، وأشار إلى أن هذا يعكس التعقيدات السياسية الكبيرة التي تعاني منها البلاد.
وفي إطار السياق الإقليمي، لفت الخبير إلى أن غينيا بيساو تمثل البلد الوحيد الذي كان مستعمرة برتغالية في وسط دول كانت مستعمرات فرنسية وإنجليزية، مما يضفي على وضعها خصوصية ثقافية ولغوية وسياسية.
ولفت أيضا إلى ملاحظة التكوين العرقي والديني للجماعة الانقلابية التي تعتنق الدين المسيحي، وهو عامل قد يؤثر على ديناميكيات السلطة في بلد متنوع دينيا.
وعلى المستوى التحليلي، أوضح إسماعيل ولد الشيخ سيديا أن الانقلابات في أفريقيا تمثل "استقالة متراكمة" تؤيدها المجتمعات المحلية للتخلص من الطبقة السياسية الفاشلة.
وأكد أن الجيوش هي جزء من المجتمع المحلي، وأن غياب السياسيين الأكفاء يجعل من العسكر "منقذا" للمشهد الديمقراطي وللدولة ككل.
وفي سياق متصل، أشار الخبير في الشؤون الأفريقية إلى أن ما سماها "العسكرتاريا السياسية" حاولت أن تبرهن على هذا الدور أكثر من مرة في القارة الأفريقية.
ونبه إلى أن التعميم خاطئ، فليس كل العسكر الانقلابيين فاشلون في أفريقيا، وليس كل السياسيين ناجحون في حكم بلدانهم، مما يتطلب تقييما حالة بحالة بعيدا عن الأحكام المسبقة.
وختم ولد الشيخ سيديا بالإشارة إلى أن التحديات التي يفرضها هذا الانقلاب على المؤسسات الأفريقية تتطلب فهما عميقا لطبيعة الأزمة السياسية في غينيا بيساو، وللعوامل المحلية والإقليمية التي تدفع نحو هذه التحولات العسكرية المتكررة في القارة الأفريقية.
وشهدت غينيا بيساو تطورات دراماتيكية الأربعاء، حيث أعلن ضباط الجيش عزل الرئيس إمبالو والسيطرة على السلطة، وذلك بعد أيام قليلة من الانتخابات العامة التي أجريت في 23 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.
وقد سُمعت أصوات إطلاق النار قرب القصر الرئاسي في العاصمة بيساو، في حين أكد الرئيس نفسه أنه اعتُقل على يد رئيس أركان الجيش، في خطوة وُصفت بأنها انقلاب عسكري كامل.
المصدر:
الجزيرة