آخر الأخبار

الأنظار تتجه إلى قبرص بعد لقاء جمع زعيميها

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

أنقرة- اجتمع صباح اليوم الخميس رئيس جمهورية قبرص نيكوس خريستودوليديس وزعيم القبارصة الأتراك طوفان أرهورمان داخل المنطقة العازلة في العاصمة نيقوسيا، في أول لقاء رسمي منذ أكثر من 8 سنوات، في محطة وُصفت بأنها قد تعيد فتح الباب أمام مسار السلام المتعثر في الجزيرة المقسّمة.

واستمر اللقاء الذي جرى برعاية الأمم المتحدة ، في مقر الممثل الخاص للأمين العام قرب مطار نيقوسيا القديم، ساعة واحدة أتيحت خلالها للزعيمين فرصة تبادل الرؤى في أجواء وُصفت بأنها ودية وصريحة، رغم اتسامها بالحذر.

ولم يحمل الاجتماع طابعا تفاوضيا رسميا، بل خُصّص لكسر جليد الانقطاع الطويل واستكشاف إمكانات إعادة إطلاق الحوار بين الطرفين، بعد سنوات من الجمود السياسي منذ انهيار مفاوضات كرانس مونتانا عام 2017.

وشهدت الجلسة، التي تضمنت جزءا موسعا بحضور الوفدين وآخر مغلقا بين الزعيمين، تأكيدا متبادلا على الرغبة في استئناف المحادثات.

مساع للتقريب

ورغم أنه لم يُفض إلى انفراج مفصلي، فإن اللقاء الذي جمع اليوم زعيمي شطري قبرص أعاد تحريك المياه الراكدة في مسار السلام المتوقف منذ سنوات.

وحسب الانطباعات الأولية، يُعد الاجتماع خطوة أولى ملموسة على طريق استكشاف فرص استئناف المحادثات، حيث اتفق الجانبان على لقاء جديد مع مبعوثة الأمم المتحدة ماريا أنخيلا هولغوين في مطلع ديسمبر/كانون الأول، وعلى تكليف مفاوضيهما بعقد اجتماعات تمهيدية منتظمة لتنسيق المرحلة المقبلة.

ووصف الرئيس القبرصي خريستودوليديس التفاهم على الاجتماع المشترك المقبل بأنه "تطور إيجابي"، مشددا على أن اللقاء لم يكن اجتماعيا شكليا، بل تضمن طرحا جديا لقضايا فعلية، في إطار سعيه لإحياء المفاوضات من حيث توقفت عام 2017.

وفي المقابل، تمسّك زعيم القبارصة الأتراك طوفان أرهورمان بنبرة واقعية، مؤكدا أن التوصل إلى حل شامل لا يزال يتطلب تهيئة الظروف المواتية، وهي برأيه غير متوفرة حاليا على أرض الواقع.

مصدر الصورة ممثل الأمم المتحدة في قبرص يجتمع بالرئيس القبرصي خريستودوليديس وزعيم القبارصة الأتراك أرهورمان (رويترز)

ولتقريب وجهات النظر، قدّم أرهورمان خلال الاجتماع "رزمة من 10 نقاط" تضم مجموعة من إجراءات بناء الثقة، شملت قضايا مدنية حساسة كمنح الجنسية لأبناء الزيجات المختلطة، وتسهيل العبور عبر المعابر، وتنظيم فعاليات رياضية مشتركة للأطفال، إلى جانب مبادرات رمزية مثل زيارة مشتركة للجنة المفقودين، والتوقف عن الممارسات الاستفزازية.

إعلان

كما اقترح تفعيل آليات اقتصادية مؤسساتية كرفع القيود عن التبادل التجاري عبر "الخط الأخضر" (يقسم العاصمة نيقوسيا)، واستئناف العمل باللجنة الأوروبية المشتركة، إضافة إلى فتح قناة اتصال مباشرة بين قوات الأمن في الجانبين، وحضور الزعيمين معا مشروعا للبنية التحتية داخل المنطقة العازلة.

ورغم أن خريستودوليديس لم يُعلّق علنا على هذه المقترحات، فإنه أشار إلى طرحه مبادرات موازية فضّل إبقاءها بعيدا عن التداول الإعلامي حاليا.

ترحيب دولي

ولاقى اللقاء بين زعيمي شطري قبرص ترحيبا واسعا من الأطراف الدولية والإقليمية، باعتباره خطوة أولى على مسار طويل لإحياء العملية السياسية المتوقفة منذ زمن.

وعبّرت الأمم المتحدة عن ارتياحها لانعقاد الاجتماع ونتائجه الأولية، مشيرة على لسان متحدث باسم بعثتها في قبرص إلى أن الزعيمين أبديا استعدادا للعمل باتجاه اجتماع غير رسمي أوسع، قد يدعو إليه الأمين العام أنطونيو غوتيريش في مرحلة لاحقة، بمشاركة الدول الضامنة الثلاث: اليونان و تركيا و بريطانيا .

كما أعلنت الأمم المتحدة أن مبعوثتها الشخصية الجديدة، ماريا أنخيلا هولغوين، ستزور الجزيرة مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل لمواصلة التنسيق مع الطرفين، في حين يُتوقع أن يرفع غوتيريش تقريرا إلى مجلس الأمن يثمّن اللقاء ويدعو للحفاظ على الزخم الراهن وصولا إلى استئناف المفاوضات الرسمية.

من جانبه، عبّر الاتحاد الأوروبي عن دعمه الواضح للقاء، مؤكدا أهمية أي جهد يعيد إطلاق محادثات إعادة التوحيد تحت مظلة الأمم المتحدة.

وفي أنقرة ، جدد الرئيس رجب طيب أردوغان موقف بلاده قبل أيام، ملقيا باللوم على ما وصفه بتعنت القبارصة اليونانيين ورفضهم مبدأ "المساواة السيادية" وتقاسم السلطة، وهو ما تعتبره الأمم المتحدة والجانب القبرصي اليوناني خروجا على قرارات الشرعية الدولية.

كما جددت اليونان -بصفتها دولة ضامنة ومقرّبة من نيقوسيا- تأييدها الكامل لإعادة إطلاق المفاوضات ضمن إطار قرارات الأمم المتحدة ووحدة أراضي قبرص.

ودعت بريطانيا -الضامن الثالث- إلى البناء على اللقاء وتكثيف الحوار، معتبرة أن التهدئة في قبرص تمثل ركيزة للاستقرار في شرق المتوسط.

مصدر الصورة رجل يسير في منطقة السوق في الجزء الشمالي الذي تسيطر عليه تركيا من نيقوسيا (الفرنسية)

بناء الثقة

وترى الخبيرة في السياسة الخارجية زينب جيزام أوزبينار أن فوز طوفان أرهورمان في الانتخابات ولقاءه الأول مع نيكوس خريستودوليديس لا يكفيان بحد ذاتهما لتوقع تحولات جذرية في مواقف الأطراف. لكنها تعتبر أن الاجتماع أسس لما وصفته بأنه "هامش تهدئة مدروس" قد يفسح المجال لاستعادة الدينامية السياسية في ملف ظل مجمدا سنوات.

وتوضح أوزبينار -للجزيرة نت- أن رزمة إجراءات بناء الثقة التي طرحها الرئيس القبرصي التركي خلال لقائه الأول مع نظيره القبرصي اليوناني تمثل بداية عملية قابلة للتطبيق للحفاظ على أرضية تفاوضية مهددة بالانهيار الكامل.

وتشير إلى أن المقترحات العشرة لا تقتصر على تحسينات إدارية، بل تحمل مضمونا سياسيا ضمنيا يُرسل إشارة إلى أن بناء الثقة ممكن حتى قبل استئناف المفاوضات.

ورغم أن المسافة بين رؤية أنقرة القائمة على "حل الدولتين" وتمسّك نيقوسيا بخيار "الاتحاد الفدرالي" ما تزال قائمة، فإن أوزبينار ترى في اللقاء الأخير الذي جمع أرهورمان بالرئيس أردوغان "أجواء بناءة" تعكس استمرار سياسة التنسيق الوثيق بين أنقرة وقيادة شمال قبرص، من دون أن تلغي تمايز الخطابين في بعض التفاصيل.

إعلان

ومع ذلك، تُحذّر الخبيرة التركية من المبالغة في التعويل على القرار المحلي وحده، فالاتجاه العام للمفاوضات -بحسب تعبيرها- مرتهن إلى حد كبير بالتوازنات الجيوسياسية الثلاثية بين أنقرة وأثينا والاتحاد الأوروبي.

وترى أن أي مسار تفاوضي جاد سيظل مستبعدا ما لم تُبد نيقوسيا وأثينا استعدادا للتراجع عن مواقفهما "القصوى" بشأن قضايا مثل السيادة والترتيبات الأمنية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا