تُسلّط جولة الصحافة لهذا اليوم الضوء على مقال يشرح كيف ازداد اعتماد الغرب على تركيا في ظل التحولات الجيوسياسية، وآخر يناقش أسباب تمسّك دول أمريكا اللاتينية بالنفط رغم تعهّدات المناخ، إضافة إلى تقرير يستعرض الفوائد الصحية المتنامية للتدليك ودوره في تحسين الرفاه الجسدي والنفسي.
ونبدأ جولتنا من مقال في مجلة بلومبرغ للكاتب مارك شامبيون يقول فيها إن تركيا اتخذت في الآونة الأخيرة سلسلة خطوات تبدو وكأنها تشير إلى إعادة اصطفاف باتجاه الغرب؛ فقد خفّضت واردات النفط والغاز الروسيين.
وتبحث تركيا في خيار الاعتماد على شركات أمريكية وكورية جنوبية بدلاً من شريك روسي لبناء محطة نووية ثانية، كما طلبت طائرات "يورو فايتر" بقيمة 8 مليارات جنيه استرليني من المملكة المتحدة، ووقّعت شركات الدفاع التركية مشاريع مشتركة لتطوير الطائرات المسيّرة مع شركتي BAE البريطانية وليوناردو الإيطالية.
لكن شامبيون يشير إلى أنّ هذا لا يعني أنّ تركيا "تتجه غرباً"، بل إنّ الغرب هو من يتجه نحو تركيا، لأن وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض، وقلق الأوروبيين من مستقبل دفاعهم، جعلهم - كما يقول - بحاجة إلى تركيا بقدر ما تحتاج تركيا إليهم.
ويؤكد الكاتب أنّ ترامب لطالما انسجم مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لأنه من "نوعية الزعماء الأقوياء" الذين يفضّلهم، ولأنهما يشتركان في العداء للنظام الليبرالي القديم.
ويرى شامبيون أنّ تركيا أصبحت لاعباً جيوسياسياً كبيراً يمكن أن يقدّم مكاسب لترامب في ملفات سوريا وغزة والقوقاز.
ويشير إلى أنّ أردوغان يحصل في عهد ترامب على "احترام بدلاً من محاضرات"، خلافاً لفترة إدارة بايدن.
ويذكر الكاتب أنّ لقاءهما الأول هذا العام تبعته خطوة لافتة تمثّلت في إسقاط وزارة العدل الأمريكية قضية رشوة ضد متعاقد تركي، وأنّ اللقاء الثاني أسفر عن توقيع صفقة للغاز الطبيعي المسال بقيمة 43 مليار دولار.
وفي أوروبا، يوضح شامبيون أنّ أردوغان "أقل قبولاً وأكثر ضرورة"، ويشرح أنّ ألمانيا كانت قد عطّلت بيع طائرات "يورو فايتر" لتركيا بسبب العمليات العسكرية في سوريا وتراجع الحريات، لكنها رفعت الفيتو مؤخراً بسبب تغيّر الحسابات الجيوسياسية، لا بسبب تحسّن ديمقراطي.
ويؤكد شامبيون أنّ سبب الثقة المتزايدة لأردوغان هو كونه المستفيد الأكبر من غزو روسيا لأوكرانيا؛ فالغزو جعله - كما يقول - لاعباً لا يمكن تجاهله بالنسبة للغرب، فتركيا لم تكن تريد لروسيا أن توسّع سيطرتها في البحر الأسود، لذا ساعدت أوكرانيا عسكرياً، لكنها في الوقت نفسه رفضت الانضمام إلى العقوبات واستفادت من شراء النفط الروسي المخفّض ومن لعب دور دولة عبور للتجارة الروسية.
ويضيف الكاتب أنّ هذه المكاسب جاءت في وقت كانت تركيا تعاني اقتصادياً، وأنها سمحت للفريق الاقتصادي الجديد بخفض التضخم من 80 في المئة في 2022 إلى 33 في المئة الشهر الماضي، مع الحفاظ على معدل نمو بين 4 و5 في المئة.
ويشير شامبيون إلى أنّ انشغال روسيا بأوكرانيا أعطى أردوغان فرصة لإضعاف نفوذ الأسد في سوريا، مما قلّل قدرة موسكو على استخدام ورقة اللاجئين ضد تركيا، وساهم في إضعاف المقاتلين الأكراد شمال البلاد، وهذا - بحسب الكاتب - سمح لأردوغان بإعادة ترتيب قواعده السياسية داخلياً، وبناء جسور جديدة مع الناخبين الأكراد.
ويبين الكاتب أنّ الولايات المتحدة وأوروبا مضطرتان للتعامل مع أردوغان بسبب موقع تركيا الحيوي وقوتها العسكرية وصناعاتها الدفاعية المتنامية.
ويرى أنّ على أوروبا اعتماد نهج يشبه العلاقة بين أردوغان وبوتين: فصل الخلافات عن مجالات التعاون، مع الاستمرار في دعم المعارضة التركية، لأن أردوغان - كما يحذّر شامبيون - لم يجعل تركيا نسخة من روسيا أو إيران بعد، لكنه "قادر على ذلك".
إلى صحيفة فايننشال تاميز ومقال للكاتبين مايكل ستوت ومايكل بولر يقولان فيه إنّ الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا قدّم نفسه، مع اقتراب قمة المناخ COP30، بوصفه "مدافعاً عالمياً عن البيئة"، مشيرين إلى أنّه يتباهى بتراجع كبير في معدلات إزالة الغابات في الأمازون منذ تولّيه السلطة.
لكنهما يوضحان أنّ مناصري البيئة أصيبوا بخيبة أمل عندما وافقت حكومته، قبل أسابيع قليلة من القمة المرتقبة في مدينة بليم الأمازونية، على طلب شركة النفط الوطنية "بتروبراس" للتنقيب عن النفط قرب مصب نهر الأمازون.
ويرى ستوت وبولر أنّ التحوّل العالمي نحو الطاقة النظيفة يجري على نحو يقدَّر بتريليونات الدولارات، وأنّ فكرة "أن يستفيد الجميع من هذا التحوّل" أصبحت شائعة.
ويذكران أنّ نحو ثلاثة أرباع الخطط الوطنية للطاقة النظيفة التي قُدّمت هذا العام قبل قمة المناخ تضمّنت مصطلح "انتقال عادل للطاقة".
ويرى كل من ستوت وبولر أنّ الحماس للانتقال السريع للطاقة النظيفة تراجع خلال السنوات الثلاث الماضية، وأنّ الاقتصادات الناشئة باتت أكثر مقاومة لفكرة التخلص من الوقود الأحفوري إلا في مجال الفحم.
ويؤكد الكاتبان أنّ قرارات دول العالم النامية - مع كون الصين أكبر مُصدّر للكربون وتراجع الانبعاثات في أوروبا والولايات المتحدة - ستكون حاسمة في تحديد وتيرة تغيّر المناخ.
ويضيفان أنّ النموذج البرازيلي يفتقر إلى آليات تجعل وعود "الانتقال العادل" قابلة للتنفيذ، حيث تسير البرازيل بسرعة نحو زيادة إنتاجها النفطي، وتريد حكومة لولا أن تصبح رابع أكبر منتج في العالم بحلول 2030، متجاوزة العراق والإمارات.
ويرى الكاتبان أنّ حكومة لولا تدافع عن نفسها بالقول إن استغلال احتياطيات النفط البحرية - المخصّصة بغالبيتها للتصدير - سيساعد في تمويل الاستثمارات الخضراء والبرامج الاجتماعية.
ويضيفان أنّ وجهة النظر هذه تلقى دعماً واسعاً في أنحاء العالم النامي؛ فنيجيريا تهدف إلى تعظيم عائدات النفط والغاز، والسعودية تسعى لخفض الانبعاثات داخلياً مع المحافظة على موقعها كمنتج رئيسي، فيما ترفع الأرجنتين إنتاجها من حقول "فاكا مويرتا"، وتخطط المكسيك لإعادة فتح آبار قديمة.
ويشير الكاتبان إلى أن تشيلي والأوروغواي تمضيان في مسار الطاقة المتجددة، لكنهما اقتصادان صغيران.
ويقول الكاتبان إنّ كولومبيا، تحت قيادة بيترو، تمثل التجربة الأكثر جذرية في السعي نحو "صفر كربون". وينقلان عنه قوله أمام الأمم المتحدة إنّ الفحم والنفط "قد يقضيان على البشرية"، وإنّ "منطق الرأسمالية هو ما يدفع نحو استهلاك أكثر وأكثر".
إلى صحيفة الغارديان البريطانية ومقال للكاتبة سارة سلوات تقول فيه إنّ التدليك يمنح شعوراً جيداً للكثيرين، لكنها تسأل في ذات الوقت: إن كان فعلاً مفيداً صحياً؟ مشيرة إلى دراسة أمريكية أظهرت أنّ 8.5 في المئة من المواطنين استخدموا التدليك لـ"تحسين الصحة العامة".
وتنقل الكاتبة عن الباحثة نيكي مونك أنّ تأثير التدليك يبدو "شاملاً"، إذ يدمج بين الأثر الجسدي والعاطفي والعصبي معاً، وأنّ التدليك لطالما كان جزءاً من الرعاية الصحية وليس مجرد رفاهية.
وتضيف أنّ استخدامه داخل المستشفيات يزداد مع تزايد الأدلة على فوائده.
وتذكر سلوات أنّ الدكتورة كارلا كيون من جامعة كاليفورنيا كانت تبحث عن بدائل غير أفيونية لتخفيف الألم، وأنّ برنامج التدليك الذي أنشأته للمرضى البالغين أدى - وفق دراسة عام 2018 - إلى تحسّن في الألم والقلق والتوتر والإرهاق والنوم، إضافةً إلى شعور عام بالرفاه.
وتنقل الكاتبة عن كيون أنّ "اللمس" يرسل للدماغ إشارات بالأمان ويُطلق الإندورفين، وأنّ الأشخاص الذين نادراً ما يتلقّون تلامساً صحياً - مثل مرضى كوفيد طويل الأمد - قد يستفيدون بصورة أكبر.
وتشير سلوات إلى أنّ التدليك يُستخدم في مراكز الأورام مثل "سلون كيترينغ"، حيث يساعد المرضى على الدخول في حالة تهدئة عصبية تقلّل التوتر.
وتذكر أنّ دراسة حديثة أظهرت انخفاضاً طويل الأمد في الألم لدى مرضى السرطان.
كما تنقل عن مونك أنّ محاربين قدامى تلقّوا جلسات تدليك لمرّتين أسبوعياً على مدار 12 أسبوعاً سجّلوا انخفاضاً ملحوظاً في شدة الألم استمرّ لثلاثة أشهر، وفي دراسة أخرى، حقّق مرضى آلام الظهر تحسّناً بعد عشر جلسات، خصوصاً من تجاوزوا الخمسين.
وتضيف الكاتبة أنّ آليات التأثير لا تزال قيد البحث؛ فباحثون مثل شين فيليبس وجدوا أنّ التدليك يحسّن تدفق الدم ويخفّف آلام العضلات بعد التمرين، وأنّ تأثيره ظهر في الذراع رغم أنّ التدليك كان للساق، ما يشير إلى تأثير جسدي شامل.
وتوضّح سلوات أنّه من الصعب فصل الآثار الجسدية عن النفسية، لكن التدليك يُطلق الإندورفين ويخفّف القلق والاكتئاب بحسب أبحاث عديدة.
وتشير الكاتبة إلى أنّ التدليك قد يكون مكلفاً للبعض، لكن "أي شكل من اللمس العلاجي" مفيد، بما في ذلك التدليك الذاتي أو تدليك القدمين في المنزل.
وتبيّن سلوات نقلاً عن الباحث ليفين دعوته إلى إدراج التدليك ضمن "الرعاية الصحية السائدة" بدلاً من اعتباره "طباً بديلاً".
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة
مصدر الصورة