آخر الأخبار

مصر والإمارات: لقاء ثنائي في القاهرة يناقش القضايا الإقليمية، فما أبرز محطات العلاقات بين البلدين؟

شارك
مصدر الصورة

أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والشيخ محمد بن زايد رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة عن ترحيبهما بالمبادرة التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف الحرب في القطاع، مؤكدين أهمية دعم هذه المبادرة السلمية بما يمهد الطريق أمام مسار تحقيق سلام دائم وشامل في المنطقة.

جاء ذلك خلال استقبال الرئيس السيسي، الإثنين، للشيخ محمد بن زايد الذي يزور مصر، حيث أوضح بيان رئاسة الجمهورية عقب اللقاء أنه جرى بحث تطورات الأوضاع الإقليمية، وفي مقدمتها قطاع غزة.

وأكد الطرفان أن "حل الدولتين هو المسار الوحيد لتحقيق السلام الشامل والدائم وتعزيز أسباب الاستقرار والأمن الإقليميين بما يصب في مصلحة دول المنطقة وشعوبها كافة".

السيسي، أعرب خلال اللقاء عن حرص بلاده على تذليل كافة العقبات أمام الاستثمارات الإماراتية في مصر، مثمناً الطفرة التي تشهدها العلاقات الاقتصادية في كافة المجالات.

وهذه الزيارة هي الثانية للرئيس الإماراتي إلى مصر خلال شهر حيث التقى السيسي أيضاً في أواخر أغسطس /آب الماضي.

وتربط الدولتين علاقات سياسية واقتصادية متميزة؛ إذ ينفذ صندوق الإمارات السيادي والشركات الإماراتية الكبرى سلسلة مشاريع ضخمة في مجال العقارات والاستثمار السياحي والنفط والغاز والثروات الطبيعية في مصر.

جذور العلاقات التاريخية بين مصر والإمارات

مصدر الصورة

يرجع تاريخ العلاقات المصريةـ الإماراتية إلى ما قبل عام 1971 الذي شهد التئام شمل الإمارات السبع في دولة واحدة تحت قيادة الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وأيّدت مصر بشكل مطلق وأقرّت بشكل كامل وحدة أراضي الإمارات العربية المتحدة.

وعند إعلان هذه الدولة الجديدة، كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت بالاتحاد الناشئ ودعمت وجوده على المستويين الدولي والإقليمي باعتباره حجر الزاوية للأمن والاستقرار ونقطة قوة جديدة للأمة العربية.

وكانت دولة الامارات وكل دول الخليج، آنذاك، باستثناء قطر تتمتع بعلاقات شبه استراتيجية مع الدولة المصرية واتفاق كامل وتنسيق حول معظم القضايا الإقليمية والدولية إلى جانب الوجود المصري الضخم والكبير في الإمارات والعلاقات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي ظلت تربط بين الجانبين خلال تاريخ طويل.

ثورة 25 يناير/كانون الثاني: بداية أزمة

مصدر الصورة

شهدت مصر حركة احتجاجية شعبية يوم 25 يناير/كانون الثاني2011، بدعوة من نشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

خرجت الجماهير للمطالبة بـ "الحرية، والعدالة الاجتماعية، وإنهاء حالة الطوارئ، ومحاسبة الفاسدين، بالإضافة إلى إسقاط نظام الرئيس محمد حسني مبارك الذي حكم البلاد لأكثر من 30 عاماً".

استمرت الاحتجاجات 18 يوماً، وبلغت ذروتها في ميدان التحرير بالقاهرة، وانتهت بتنحي مبارك عن الحكم يوم 11 فبراير/شباط 2011.

بعد اندلاع الثورة، تشكلت حكومة برئاسة عصام شرف الذي رفضت الإمارات في اللحظات الأخيرة زيارته إليها خلال جولته الخليجية التي شملت كلاً من السعودية والكويت وقطر.

وقالت الإمارات حينها إن مواعيد مسؤوليها لا تسمح بزيارته في الوقت الراهن، على أن يتم تحديد موعد لاحق للزيارة.

وعزت مصادر دبلوماسية وقتها أن ذلك جاء بسبب ما اعتبرته الإمارات تقارباً مصرياً إيرانياً على حساب مصالح دول الخليج ومن بينها الإمارات، و هو ما رأته الأخيرة بمثابة تغيرٍ كبيرٍ في الموقف المصري عن مرحلة ما قبل الثورة.

كما رفضت الحكومة المصرية رسمياً طلبات متكررة من الإمارات بعدم محاكمة مبارك وعرضها دفع أية تعويضات مناسبة بدلاً من محاكمته.

بعد تنحي مبارك، أطلق ضاحي خلفان- شخصية أمنية إماراتية بارزة- سلسلة تصريحات وتغريدات عبر موقعه على تويتر حذّر فيها من سعي الإخوان للسيطرة على أنظمة الحكم في الخليج، وقال إنهم يمثلون خطراً يجب التصدي له.

وأخذ خلفان بشن حملة موسعة ضد الإخوان منذ بدء ثورات الربيع العربي على هيئة تصريحات علنية، وكتابات أو تغريدات تشكل سخرية وانتقاد مستمر لجماعة الإخوان المسلمين.

كان خلفان مناصراً للمرشح الرئاسي الخاسر في الانتخابات المصرية الأولى بعد الثورة أحمد شفيق، وكان يتمنى فوزه، واصفاً إياه بمن يمد جسور التواصل مع الخليج، لكن الانتخابات أفضت إلى فوز محمد مرسي، مرشح الجماعة برئاسة مصر، كأول رئيس مدني منتخب بإرادة شعبية.

أدت تغريدات خلفان إلى استدعاء الخارجية المصرية لسفير الإمارات في القاهرة لسؤاله عن موقف حكومته من تصريحات خلفان، فيما دأبت المؤسسات الرسمية بالإمارات على التأكيد في أكثر من مناسبة أن كتابات خلفان لا تعبّر بالضرورة عن موقف إماراتي رسمي ضد مصر.

وفي السادس من سبتمبر/أيلول 2012 استقبلت مصر وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد ال نهيان، وجرى بحث إقامة المشروعات المشتركة وزيادة الاستثمارات الإماراتية في مصر.

ظلت الأزمة المكتومة بين البلدين وظل تحفُّظ كلا الطرفين على بعض التصرفات الصادرة من الطرف الآخر، إلى حين خاطب النائب العام المصري وزير العدل لانتداب قاضٍ للتحقيق في بلاغ مقدم من محامٍ مصري اتهم فيه ضمن من اتهم كل من أحمد شفيق وضاحي خلفان بالتحريض على قلب نظام الحكم في مصر.

احتجاز مصريين في الإمارات

مصدر الصورة

قبل نهاية عام 2012 قامت السلطات الإماراتية، باعتقال نحو 11 مصرياً بإمارتَي دبي وعجمان، واقتيادهم لأماكن غير معلومة، و لم تصدر السلطات تعليقاً رسمياً حول الواقعة أو حول أسباب اعتقال هؤلاء.

لكن جماعة الإخوان المسلمين قالت في تصريحات صحفية إن بعض أعضائها اعتُقلوا في الإمارات بناء على "ادعاءات عارية عن الصحة" بأنهم ساعدوا في تدريب إسلاميين محليين على أساليب تخريبية على حد قولهم.

وكانت وسائل إعلام إماراتية ذكرت حينها أن السلطات فككت شبكة مرتبطة بجماعة الإخوان المسلمين في مصر، سعت إلى تجنيد مصريين مقيمين في الإمارات للانضمام إلى الجماعة، وقام أفرادها بجمع معلومات سرية تتعلق بأسرار دفاعية خاصة بالدولة، كما جمعوا أموالاً طائلة حُوّلت بطرق غير مشروعة إلى التنظيم الأم في مصر.

وفي بداية 2013، أصدر رئيس دولة الامارات عفواً عن أكثر من 100 سجين مصري، في إجراء أشاد به سفير مصر لدى أبوظبي قائلاً إنها "بادرة ستحسن العلاقات المتوترة بين البلدين".

لكن الإفراج لم يشمل 11 مصرياً احتجزتهم السلطات الإماراتية للاشتباه في تدريبهم إسلاميين على كيفية الإطاحة بحكومات، وفقاً لما ذكرته وسائل إعلام محلية، كما رفضت الإمارات وساطات مصرية عدة طالبت بالإفراج عنهم.

كيف تلقّت مصر التطبيع الإماراتي- الإسرائيلي؟

مصر كانت من أوائل الدول العربية التي رحبت بتطبيع العلاقات بين الإمارات وإسرائيل، إذ ثمّن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الاتفاق في أغسطس/آب 2020، معتبراً إياه "خطوة نحو إحلال السلام في الشرق الأوسط".

منذ ذلك الحين، حافظت مصر على موقف داعم للتطبيع، مشيرة إلى أن الاتفاق يساهم في تعزيز الاستقرار الإقليمي. في الوقت نفسه، أكدت مصر "التزامها الثابت بالقضية الفلسطينية، داعية إلى حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية مستقلة".

وحينها، أشارت مصادر صحفية عديدة إلى مخاوف من تبعيات التطبيع وتأثيره على الجانب المصري، إذ رأت أن الانفتاح الكبير بين الإمارات وإسرائيل، خاصة مع تحول الإمارات إلى مركز إقليمي للشركات الإسرائيلية، قد يشكل خطراً أمنياً على مصر بسبب وجود مليون مصري يعملون في الإمارات وآلاف الزائرين.

لكن رغم التعاون الوثيق بين مصر والإمارات، ظلّت هناك بعض الاختلافات في المواقف بين البلدين، خاصة فيما يتعلق بالصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

علاقات اقتصادية واستثمارات تجارية

مصدر الصورة

سجلت صادرات مصر إلى سوق الإمارات، زيادة بنسبة 141.2 في المئة إلى 4.1 مليار دولار في الفترة من يناير/كانون الثاني حتى يوليو/تموز 2025، مقابل 1.7 مليار دولار خلال نفس الفترة من عام 2024، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء المصري.

وأشار الجهاز المركزي إلى أن قيمة واردات مصر من سوق الإمارات بلغت نحو 1.3 مليار دولار مقابل 1.5 مليار دولار، بانخفاض 13.3 في المئة.

وعلى جانب الاستثمار، وصلت قيمة استثمارات دولة الإمارات في مصر إلى 2.2 مليار دولار خلال النصف الأول من العام المالي 2025/2024، مقابل 2.1 مليار دولار خلال نفس الفترة من العام المالي 2024/2023 بنسبة نمو 4.8 في المئة.

وعلى جانب استثمارات مصر في دولة الإمارات بلغت 750.1 مليون دولار خلال النصف الأول من العام المالي 2025/2024، مقابل 616.2 مليون دولار خلال نفس الفترة من العام المالي 2024/2023 بنسبة نمو قدرها 21.7 في المئة.

تاريخياً، أدى ازدياد قوة العلاقات الثنائية بين البلدين وتجذّرها منذ عهد الرئيسين الراحلين أنور السادات وزايد بن سلطان آل نهيان، إلى زيادة التعاون بينهما في جميع المجالات وخاصة المجالات الاقتصادية.

و خلال عهد حسني مبارك ارتبط البلدان بعلاقات تجارية واستثمارية، نمت عاماً بعد عام‏، إذ تربط بينهما 18 اتفاقية تنظم العلاقات الاقتصادية والتجارية، كما بلغ حجم التبادل التجاري بينهما ‏1.4 مليار دولار.

و يبلغ إجمالي المنح والقروض التي قدمتها حكومة أبوظبي لمصر ما يعادل 250 مليون دولار حتى شهر يونيو/حزيران عام 2007، و قدّم صندوق أبوظبي للتنمية منحاً وقروضاً إلي مصر تبلغ قيمتها 325 مليون دولار أسهمت بتمويل مشروعات تنموية في مصر.

و قبيل ثورة 25 يناير/كانون الثاني في مصر بأسابيع، وقّع الطرفان اتفاقية بقرض من صندوق أبو ظبي للتنمية بقيمة 285 مليون جنيه مصري لتمويل مشروع محطة توليد كهرباء بمدينة بنها بمحافظة القليوبية.

وفي 2023، أبرمت مصر والإمارات اتفاقية لمبادلة العملات المحلية، تتيح تبادل السلع والبضائع بين أطرافها بالعملة المحلية لكل منها، بقيمة ما تم الاتفاق عليه في إطارها، وهو في حالة مصر والإمارات، بنحو خمسة مليارات درهم إماراتي و42 مليار جنيه مصري.

في السنة المالية 2023/2024، استقطبت مصر استثمارات عربية بلغت نحو 41.5 مليار دولار، الإمارات كانت المستثمر العربي الأكبر بحجم استثمارات يقارب 38.9 مليار دولار منها.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة


الأكثر تداولا دونالد ترامب اسرائيل حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا