آخر الأخبار

لقاء أردوغان بترامب يعيد الزخم للعلاقات التركية الأميركية

شارك





أنقرة- استضاف الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، اليوم الخميس، نظيره التركي رجب طيب أردوغان في البيت الأبيض ، في لقاء يوصف بأنه الأكثر أهمية منذ سنوات بين واشنطن و أنقرة ، ويمثل عودة أردوغان إلى أروقة مطبخ القرار الأميركي بعد غياب امتد 6 أعوام.

وناقش الزعيمان حزمة واسعة من الملفات الإستراتيجية، بدءا من التعاون الدفاعي وصفقات التسليح والتجارة، وصولا إلى القضايا الإقليمية مثل الحرب في غزة والأزمة السورية.

وأشاد الرئيس ترامب بنظيره أردوغان، واصفا إياه بأنه "رجل قوي يحظى باحترام واسع في تركيا وأوروبا والعالم"، ومؤكدا أنه تربطه به صداقة قديمة.

التعاون الدفاعي

شكل ملف التعاون الدفاعي محورا رئيسيا في مباحثات أردوغان وترامب؛ إذ سعى الرئيس التركي إلى تجاوز تداعيات شراء أنقرة منظومة الدفاع الروسية " إس-400 "، والتي تسببت عام 2019 في إخراج تركيا من برنامج مقاتلات "إف-35" وفرض عقوبات أميركية بموجب قانون "كاتسا" .

ترامب من جهته لم يستبعد إمكانية بيع المقاتلات لتركيا، وقال إنه يعتقد أن أردوغان "سينجح في شراء ما يريد"، ملمحا إلى احتمال رفع العقوبات إذا ما أحرزت المفاوضات تقدما.

كما كشف أن ملف طائرات "إف-16" حاضر بقوة على جدول المباحثات، حيث تتفاوض أنقرة لشراء 40 طائرة جديدة لتحديث أسطولها، وقد أعدت واشنطن بالفعل مذكرة تفاهم أولية لدعم قدرات سلاح الجو التركي.

وفي السياق ذاته، طرح ترامب إمكانية تزويد أنقرة بمنظومات باتريوت بديلا عن "إس-400″، وأكد الزعيمان التزامهما بمواصلة الحوار لتسوية الملفات العسكرية العالقة، وتطوير الشراكة الدفاعية على أسس أكثر متانة.

مصدر الصورة حزمة التفاهمات التجارية بين البلدين قد تصل قيمتها الإجمالية إلى 50 مليار دولار (الفرنسية)

العلاقات الاقتصادية

أولى الجانبان مساحة واسعة للتعاون الاقتصادي؛ إذ أكد الرئيس الأميركي ترامب رغبته في توسيع العلاقات التجارية مع أنقرة، متوقعا التوصل إلى اتفاقيات "رائعة" خلال المرحلة المقبلة.

إعلان

وتصدرت المباحثات صفقة ضخمة مع شركة بوينغ ، حيث يُنتظر أن تقتني الخطوط الجوية التركية أكثر من 200 طائرة مدنية من طرازي 737 و787، بمحركات من إنتاج شركة جنرال إلكتريك، بقيمة تقترب من 10 مليارات دولار.

وتندرج هذه الصفقة ضمن حزمة تفاهمات تجارية قد تصل قيمتها الإجمالية إلى 50 مليار دولار وفق تقديرات إعلامية، ما يشكل دفعة قوية للتبادل الاقتصادي بين البلدين.

كما ناقش الطرفان مسألة الرسوم الجمركية ، في ظل مساعي تركيا لإزالة القيود التي تعيق صادراتها إلى السوق الأميركية، وفي هذا السياق، أثنى ترامب على جودة الصناعة التركية قائلا إن أنقرة "تصنع منتجات رائعة، ونحن نشتري منها الكثير وهم يشترون منا الكثير"، في إشارة إلى تشابك المصالح الاقتصادية.

ولم تغفل المحادثات ملف "بنك خلق" التركي الخاضع لإجراءات قضائية في الولايات المتحدة، إذ أدرجه ترامب ضمن القضايا المطروحة للبحث، في محاولة لإيجاد تسوية دبلوماسية لهذا الخلاف الذي أثقل العلاقات في السنوات الماضية.

الملفات الدولية

احتلت الأزمة السورية موقعا بارزا في مباحثات أردوغان وترامب، في تحول لافت بعد سنوات من التباعد بين أنقرة وواشنطن حيال هذا الملف.

وأعلن ترامب خلال المؤتمر الصحفي أنه بصدد إصدار "إعلان مهم" حول سوريا، مشيرا إلى رفع بعض العقوبات عن دمشق، استجابة لطلب تركيا والسعودية وقطر، من أجل منحها "فرصة لالتقاط الأنفاس".

وأشاد بالدور التركي في التطورات الأخيرة، معتبرا أن أردوغان كان المسؤول عن "إنجاز تاريخي" تمثل في إزاحة النظام السابق، واصفا ذلك بأنه "نصر لتركيا" يمهد لمرحلة تعاون جديدة لإعادة الاستقرار والإعمار.

أما الحرب في غزة، فكانت بدورها حاضرة على طاولة النقاش رغم تباين موقفي البلدين، فأنقرة تواصل انتقادها الشديد لإسرائيل، بينما تؤكد واشنطن تحالفها معها، مع سعي إدارة ترامب إلى الوساطة لوقف القتال. ورغم الخلافات، شدد الطرفان على أهمية وقف الحرب وحماية المدنيين ودعم الجهود الإنسانية في القطاع.

وعلى صعيد الناتو ، أكدت القمة مكانة تركيا المحورية في الحلف وحرص واشنطن على تعزيز التعاون معها، فترامب شدد على أن التفاهم مع أنقرة هو مفتاح الاستقرار في المنطقة، مطالبا تركيا بوقف شراء النفط الروسي تضامنا مع الجهود الغربية لعزل موسكو .

مصدر الصورة ترامب وصف أردوغان بأنه رجل قوي يحظى باحترام واسع في تركيا وأوروبا والعالم (الفرنسية)

شراكة متجددة

يرى الأكاديمي في جامعة بورصة محمد يوجا أن اللقاء يشكل منعطفا مهما في مسار الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، فبحسب رأيه، فتح اللقاء الباب أمام صفحة جديدة في ملفات طالما أثارت توترا، من الدفاع والعقوبات إلى القضايا الاقتصادية والإقليمية.

ويشير يوجا في حديثه للجزيرة نت، إلى أن الاتصالات الدبلوماسية التي جرت بخصوص سوريا وغزة تمنح أنقرة فرصة لتعزيز دورها الإقليمي، والمبادرة في إدارة الأزمات، بما يرفع من مكانتها كفاعل إستراتيجي على الصعيدين الإقليمي والدولي.

ويؤكد أن القمة حملت أيضا أبعادا أوسع على مستوى حلف الأطلسي وبنية الأمن الإقليمي، فمحاولة التوفيق بين السياسة الأميركية الجديدة في المنطقة والهواجس الأمنية التركية ورؤيتها الإقليمية، يظهر -وفق تقديره- أن الشراكة الإستراتيجية لن تتوقف عند الجانب العسكري، بل ستتعمق لتشمل إدارة الأزمات الإقليمية.

إعلان

ويرى أن تصريحات ترامب حول التوصل إلى اتفاق بشأن غزة، إلى جانب إصرار أردوغان على إيجاد حلول لمشكلات المنطقة، عكست بوضوح إقرار واشنطن بدور أنقرة كوسيط وضامن للاستقرار.

ويخلص يوجا إلى أن هذه القمة وفرت زخما قويا لإعادة صياغة العلاقات التركية الأميركية على أسس أكثر استقرارا، ومرتكزة إلى المصالح المشتركة، مع تقليص تأثير التوترات السابقة، ودفعها باتجاه محور يركز على التحديات الإقليمية، ويمنح تركيا موقعا أكثر فاعلية في المعادلات الدولية.

توازن صعب

من جانبه، يرى المحلل السياسي علي فؤاد جوكشه، أن التقارب بين الرئيسين رجب طيب أردوغان ودونالد ترامب يثير أسئلة جوهرية بشأن كيفية حل العقدة المستمرة بين مقاتلات "إف-35" ومنظومة "إس-400".

ويشير جوكشه في حديث للجزيرة نت، إلى أن هذا الملف لا يمكن تجاوزه بسهولة، بل يحتاج إلى صيغة عملية خلال فترة زمنية محددة، لكنه يلفت في الوقت نفسه إلى أن الموقف الأميركي الجديد بشأن وقف استيراد النفط من روسيا يطرح إشكالية أكبر لتركيا.

فبرأيه، الامتثال لهذا الشرط قد يُنظر إليه كخطوة نحو قطع الروابط مع موسكو، وهو ما يشكل خطرا سياسيا وإستراتيجيا، ويضيف أن تصريحات زعيم الحركة القومية دولت بهتشلي، التي ألمح فيها إلى انفتاح على روسيا والصين، تبرز حجم التناقض في هذا الملف.

أما على الصعيد الإقليمي، فيؤكد جوكشه أن حل الأزمة السورية يبقى بيد الولايات المتحدة إلى حد كبير، وأن وقف المجزرة في غزة لن يتحقق إلا إذا استخدمت واشنطن نفوذها.

ويختم بالقول إن الملفات الخلافية لا يمكن فصلها عن السياق الروسي، سواء ما يتعلق بمنظومة "إس-400" أو بعلاقات أنقرة بموسكو، الأمر الذي يفرض على الطرفين البحث عن مقاربة متوازنة تتيح استمرار التعاون دون خسارة أحد الشركاء الأساسيين.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا