قالت هيئة تابعة للأمم المتحدة مسؤولة عن مراقبة الأمن الغذائي، للمرة الأولى منذ بداية الحرب، إنّ حدوث مجاعة في مدينة غزّة أمرّ مؤكد. فيما وصفت إسرائيل هذا التقرير بأنه "كاذب ومتحيز".
قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي إن المجاعة التي يعانيها أهالي غزة وأعلنت الأمم المتحدة أنها واقعة رسمياً الجمعة، "فضيحة أخلاقية" و"كارثة من صنع الإنسان".
وأضاف لامي في بيان "إن تأكيد المجاعة في مدينة غزة والمناطق المحيطة بها أمرٌ مروعٌ على نحو صارخ، وكان تفاديه ممكنا بالكامل".
"رفض الحكومة الإسرائيلية السماح بدخول مساعدات كافية إلى غزة تسبب في هذه الكارثة التي هي من صنع الإنسان. إنها فضيحة أخلاقية"، وفق لامي.
رفعت اليوم لجنة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) - تابعة للأمم المتحدة- قطاع غزة على مقياس انعدام الأمن الغذائي الحاد، إلى المرحلة الخامسة، مما يصنف القطاع رسمياً بأنه في حالة مجاعة.
في الوقت الذي أعلن فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بدء مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة لإنهاء الحرب وإطلاق سراح الرهائن، وقال الجيش الإسرائيلي إنه اتخذ الخطوات الأولى من عملية "للسيطرة على مدينة غزة" واستدعاء عشرات الآلاف من قوات الاحتياط. وقام فريق بي بي سي لتقصي الحقائق بتحليل صور الأقمار الاصطناعية لمدينة غزة.
قارنا صوراً التقطت في 9 و19 من أغسطس/آب.
تبين الصور أعلاه اختفاء خيام النازحين كما هو محدد باللون الأحمر.
كما تبين الدوائر البيضاء مبان دمرت أخيراً في مدينة غزة.
وتُظهر صور الأقمار الاصطناعية الملتقطة في 19 أغسطس/آب أيضاً وجود مركبات إسرائيلية في المنطقة المجاورة مباشرة لمخيم نزوح سابق، كما هو موضح في الدوائر السوداء.
ومن خلال مطابقة معالم مثل أشكال المباني، يمكننا أن نؤكد أن هذه اللقطات من الغارة الجوية الإسرائيلية تم تصويرها من نفس مكان الخيام.
ما زالت ردود الأفعال إزاء تقرير مبادرة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (آي بيه سي) بشأن غزة تتوالى منذ صدوره في وقت سابق اليوم.
ووصفت رئيسة منظمة أكشن أيد في المملكة المتحدة، طاهرة غازي، الوضع الراهن في غزة بأنه "وصمة عار على جبين البشرية جمعاء".
وقالت طاهرة: "دعونا نقول بلا مواربة إننا إزاء مجاعة مصنوعة بشكل تام وإنها نتيجة مباشرة للحصار المتعمّد الذي تفرضه السلطات الإسرائيلية ويحول دون وصول الغذاء والماء وغيرها من المساعدات الإنسانية إلى غزة، بمخالفة للقانون الإنساني الدولي".
أما المنسق الأممي للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، رامز الأكبروف، فرأى أن تأكيد المجاعة "ليس مجرّد صيحة إيقاظ" ولكنه نذير بـ "ما قد يضرب عاجلاً أجزاء أخرى من القطاع".
فولكر تورك، مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان، بدوره يصف الوضع بأنه "جريمة حرب"، مشيراً إلى استخدام التجويع كسلاح وما يترتب على ذلك من وفيات.
وقال أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، لبي بي سي إن المجاعة في غزة "لا مثيل لها من قبل، لجهة كونها من صُنع البشر وليست كارثة طبيعية".
ورفض الشوا بيان إسرائيل بشأن تقرير مبادرة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (آي بيه سي)؛ حيث وصفت إسرائيل التقرير بأنه منحاز.
وقال الشوا إن وسائل الإعلام الدولية تحتاج إلى أن يُسمَح لها بتغطية الأوضاع في غزة ميدانياً.
أعربت لجنة الإنقاذ الدولية (آي آر سي) عن صدمتها مما كشف عنه تقرير مبادرة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (آي بيه سي) بشأن غزة.
وقالت لجنة الإنقاذ إن التقرير جاء ليؤكد ما لم يكن مُتخيّلاً: "المجاعة الآن تحصد الناس في غزة".
وقال رئيس اللجنة، ديفيد ميليباند، إن الوضع في غزة "دليل دامغ على الفشل في حماية المدنيين واحترام القانون الإنساني".
ورأى ميليباند أن ما كشف عنه التقرير اليوم يجب أن يكون "صيحة إيقاظ" للمجتمع الدولي، لأنه "بدون دخول للمساعدات بشكل فوري وبلا عراقيل، وبدون وقف لإطلاق النار، فسوف تُزهق المزيد من الأرواح بسبب الجوع والمرض".
وأكد ميليباند أننا "لسنا إزاء كارثة طبيعية، إنما هي صناعة بشرية تحدث على مرأى ومسمع من العالم كله، وكان يمكن الحيلولة دون وقوعها بشكل تام".
ورأى ميليباند أنه "بدون تدخُّل سياسي حاسم، فإن المساعدات الإنسانية وحدها لن تستطيع مجابهة هذه الكارثة".
علّقت منظمات إنسانية دولية على تقرير هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الأمن الغذائي وتأكيد وجود مجاعة في غزّة.
وقالت منظمة "أنقذوا الأطفال" في بريطانيا، أنّ 61 في المئة من النساء الحوامل والأمهات حديثات الولادة، يعانين من سوء تغذية بعد فحصهن داخل العيادات، وذلك في أول أسبوعين من شهر أغسطس/آب، ما يفوق بسبع مرات العدد المسجل في أول أسبوعين من شهر مارس/آذار (9 في المئة)، قبل قطع سبيل البضائع والمساعدات بشكل كامل.
وقالت منظمة "مرسي كوربس" إنّ تأكيد المجاعة هو "نتيجة مباشرة لأشهر من قطع المساعدات عمداً، وتدمير قطاعات الغذاء والصحة والمياه في غزة، وللقصف العنيف".
وقالت المنظمة إنّ لديها من المساعدات المنقذة للحياة، ما يكفي لمساعدة 160 ألف شخص، لكنها مُنعت منذ أشهر.
"ما ينقصنا ليس القدرة على الاستجابة، بل الإرادة السياسية التي تسمح بذلك".
وقالت رئيسة منظمة "المعونة المسيحية" ، كاتي روكسبورغ، إنّ زملائها تحدثوا عن إصابة أفراد من عائلاتهم بإغماء نتيجة التعب، ويتسبب سوء التغذية بتساقط شعرهم بكثافة.
وأضافت، "لا يعقل أن نشاهد الآن بدء عمليات عسكرية للسيطرة على مدينة تعاني من المجاعة".
كشف تقرير صدر اليوم عن لجنة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (آي بيه سي) أن غالبية السكان في قطاع غزة يواجهون الآن خطر الموت بسبب نقص الغذاء.
ونوّه التقرير إلى أن أكثر من 1,5 مليون نسمة يعانون الآن من سوء التغذية أو يواجهون خطر الموت جوعاً.
ولفت التقرير إلى أن نحو 20 في المئة من سكان القطاع يواجهون ما يُصنَّف بأنه سيناريو "كارثة".
الأطفال في غزة، يدفعون الثمن الأكبر لهذه المجاعة.
يحكي جواد البيوك – الذي يعيش في خان يونس في خيمة مع تسعة من أفراد أسرته – عن الوضع الصحي لابنته آمال التي بات وزنها لا يزيد عن 12 كيلوغراماً؛ بسبب سوء التغذية.
"ابنتي صارت كالهيكل العظمي. لا أجد ما أقدمه لها من غذاء، فهي تعاني من حساسية القمح ويستلزم وضعها الصحي حمية غذائية معينة. لا يمكنني توفير ما تحتاج إليه لأن الغذاء المطلوب لها أسعاره خيالية. المستشفيات تقول لي إنها بحاجة للطعام لا للعلاج" يقول جواد لبي بي سي.
أما فيما يخص إعلان المجاعة بشكل رسمي، فيرى جواد أن الأمر لن "يضيف كثيراً للغزيين على الأرض".
"نحن نعيش مجاعة حقيقية ولم ننتظر هذا الإعلان لأننا نعلم أنه لن يغير شيئاً. نموت كل يوم بسبب الجوع، وأنا الآن على وشك أن أفقد طفلتي ذات السبع سنوات ليس بسبب أي شيء سوى أنني ليس في استطاعتي أن أطعمها أي شيء".
وكانت وزارة الخارجية الإسرائيلية قد اتهمت لجنة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) بنشر "تقرير مفبرك ومصمَّم خصيصاً ليتماشى مع حملة حماس المزيّفة". وقالت الوزارة إنّ اللجنة "حرّفت قواعدها الخاصة وتجاهلت معاييرها من أجل إصدار اتّهامات باطلة ضد إسرائيل"، فيما نفت اللجنة هذه الاتهامات بشكل قاطع.
وقالت الوزارة في بيانها: "لا توجد مجاعة في غزّة"، مشيرةً إلى دخول 100 ألف شاحنة مساعدات إلى القطاع خلال ما يقرب من عامين من الحرب، وإلى "انخفاض حاد في أسعار المواد الغذائية" مؤخراً.
لم تمض ساعات قليلة على إعلان هيئة تابعة للأمم المتحدة حدوث مجاعة في غزة للمرة الأولى منذ بداية الحرب حتى تباينت ردود الفعل بين الغزيين على هذه الخطوة.
في صباح الجمعة، أعلنت لجنة التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC) – وهي هيئة تابعة للأمم المتحدة مسؤولة عن تحديد مستويات سوء التغذية - المجاعة بشكل رسمي في القطاع، بعدما رفعت تصنيفها إلى المرحلة الخامسة، وهو أعلى وأسوأ مستوى في مقياس انعدام الأمن الغذائي الحاد.
تقول سمية كفارنة – سيدة فلسطينية تعاني من مرض السرطان – إن الإعلان عن المجاعة بشكل رسمي أكد لها أن "النهاية باتت قريبة".
"أنا أعاني من السرطان منذ سنوات ولكن بعد إعلان المجاعة هذا الصباح، تأكدت أنني لن أموت من المرض بل سأموت من الجوع".
تعيش سمية بصحبة زوجها وأولادها الخمس مع أكثر من عشرين شخصاً في بيت مدمر في غزة. تقول لبي بي سي إن جميع الأشخاص الموجودين في المنزل يعتمدون على عبوة صغيرة من العدس وقطع من الخبز في اليوم الواحد للبقاء على قيد الحياة.
"كل ما لدينا هو عبوة عدس وبعض قطع الخبز. نقوم بتسخينها لنتشارك في تناولها خلال اليوم، ونظل بدون أي طعام حتى اليوم التالي" هكذا تقول سمية، التي وصل وزنها إلى 32 كيلوغراماً بعدما كان 75 كيلوغراماً قبل بداية الحرب في 2023، بحسبها.
أما خولة شبات، التي تعيش مع سمية في المنزل ذاته، فتقول إن إعلان المجاعة من عدمه لن يؤثر على وضع السكان في غزة بشكل عملي.
"نحن نموت بالبطئ يوماً بعد الآخر. إعلان المجاعة بشكل رسمي لن يؤثر علينا بأي حال. ماذا يعني إعلان المجاعة من عدمه؟ لا شيء! الأمر ما هو إلى ترويج إعلامي لا أكثر. المجاعة موجودة في غزة منذ شهور طويلة" تقول خولة بنبرة حزينة.
وتضيف: "لا يوجد لدينا المال ولا الصحة ولا الطعام ولا أي شيء. نعيش على عبوة من العدس أو اللوبيا ونقسمها علينا جميعاً. أما إذا كنا محظوظين، نستطيع أن نوفر عبوة من السكر وبعض الشاي".
تضمّن التقرير استنتاجات من لجنة مراجعة المجاعة (FRC) التابعة للأمم المتحدة أيضاً، وهنا أبرز ما جاء على لسان أعضائها:
• "هذه هي المرة الخامسة التي تُدعى فيها لجنة مراجعة المجاعة لمراجعة تحليل حول الوضع الأمن الغذائي ووضع التغذية في قطاع غزة".
• "لم يسبق للّجنة مراجعة المجاعة أن اضطرت إلى العودة إلى الأزمة ذاتها عدة مرات؛ وهو انعكاس صارخ لاستمرار المعاناة، بل وتفاقمها وانتشارها حتى بدأت المجاعة بالظهور".
• "معاناة إنسانية تنتشر على نطاق واسع في جميع أنحاء قطاع غزة، ويستمر قتل المدنيين الباحثين عن الطعام".
• "تشير التقارير المتزايدة عن الوفيات الناجمة نتيجة سوء التغذية إلى أن الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع بدأت تستسلم".
• "بما أن هذه المجاعة يتسبب بها الإنسان بشكل كامل، من الممكن وقفها وعكس مسارها".
• "يتطلب حجم الأزمة استجابة مستدامة وواسعة النطاق ومتعددة القطاعات - فالتقاعس عن التحرك بحزم الآن سيؤدي إلى تصعيد للكارثة، كان من الممكن تجنبه".
• "تناشد اللجنة صانعي القرار بشكل عاجل، لممارسة أقصى قدر من الضغط في سبيل التوصل إلى وقف إطلاق النار".
ورداّ على تقرير اللجنة، كررت إسرائيل ادعاءاتها بعدم وجود مجاعة في مدينة غزة، وأصرّت على أنّ التقرير يستند إلى معلومات جزئية ومتحيزة مصدرها حركة حماس.
جدّدت أربع منظمات أممية ندائها بوقف فوري لإطلاق النار في غزة، وبدخول المساعدات الإنسانية بلا عراقيل، وذلك للحدّ من عدد الوفيات جرّاء الجوع وسوء التغذية في القطاع.
المنظمات الأربع هي منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية.
يُذكر أن وزارة الصحة في غزة أعلنت عن وفاة 271 شخصاً – بينهم 112 طفلاً - بسبب المجاعة وسوء التغذية منذ بداية الحرب.
وقالت المنظمات الأممية، في بيان مشترك، إن "المجاعة يجب أن تتوقف بأي ثمن"، مع إعراب تلك المنظمات عن القلق بشأن "التهديد بعملية عسكرية مكثفة في مدينة غزة" وبشأن أي تصعيد في القطاع لما ينطوي عليه ذلك من تبعات مدمّرة على المدنيين.
ونوه البيان إلى أن معدلات سوء التغذية بين الأطفال في غزة تسارعت بوتيرة كارثية في يوليو/تموز، حيث شُخص أكثر من 1200 طفل بأنهم يعانون من سوء التغذية الحاد.
رفضت هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الأمن الغذائي الاتهامات الإسرائيلية بخفض مستوى عتبة المجاعة في التقرير الذي أصدرته حول غزّة. الجواب تقني، لكنه يتلخص في طرق مختلفة لتقييم سوء التغذية لدى الأطفال دون سن الخامسة، اعتمادا على الأدلة المتاحة.
وتقول الهيئة إن عتبة 30 في المئة، تُستخدم عند إجراء تقييم يعتمد على الوزن والطول، لكن هذا المقياس غير متوفر في غزة في الوقت الراهن. وعند غياب التقييم المستند على الوزن والطول، يُستخدم مقياس منفصل لمحيط أذرع الأطفال - والذي يُحدد عتبة تُعلن عن المجاعة حين يكون لدى 15% من الأطفال أذرعٌ أقل من مقاسٍ مُعين.
يشير التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي إلى أن هذا المعيار يطبق منذ أكثر من عقد، وقد استخدم مؤخراً لتقييم مستوى المجاعة في السودان. ويُضيف التصنيف أنّ استخدام محيط الذراع "لا يمثل عتبة مُخفّضة في منهجية التصنيف". "بل إنه يُظهر استمرار تطبيق معايير التصنيف المعمول بها".