آخر الأخبار

في ذكراه العاشرة.. الاتفاق النووي في ميزان الربح والخسارة لإيران

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

طهران- بعد مرور 10 سنوات على توقيع إيران والمجموعة السداسية على الاتفاق النووي -الذي نص على رفع العقوبات عن طهران مقابل تقييد برنامجها النووي- تكاد الأوساط الإيرانية تُجمع على أن انسحاب الإدارة الأميركية منه كبّد الاقتصاد الوطني أضعاف ما ربحته طهران سياسيا.

وتوصلت إيران مع مجموعة "5+1" في 14 يوليو/تموز 2015 إلى اتفاق ينظم رفع العقوبات المفروضة على طهران منذ عقود مقابل منعها من تطوير صواريخ نووية وقبولها زيارة مواقعها النووية.

وعلى الرغم من "الصورة الوردية التي رسمها الاتفاق" وفق مراقبين فإن تداعيات الانسحاب الأميركي من خطة العمل المشتركة عام 2018 أفضت إلى مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية الشهر الماضي، في خطوة معاكسة لما راهنت عليه شريحة من الإيرانيين بأن الدبلوماسية ستكون سبيلا لتعزيز الأمن الوطني.

واقع سياسي

وطالما ساهم الاتفاق النووي في بادئ الأمر بانتزاع إيران اعترافا دوليا بشرعية برنامجها النووي وحصولها إثر تصديق مجلس الأمن الدولي على القرار 2231 على مكاسب اقتصادية وسياسية، لكن ما جنته طهران عبر الدبلوماسية سرعان ما تبخر مع انسحاب واشنطن من الاتفاق، مما يثير هذه الأيام تساؤلات عن نتائج الاتفاق في ميزان الربح والخسارة بالنسبة للجمهورية الإسلامية.

ويرى مدير معهد العلاقات الدولية في طهران مجيد زواري أن الأطراف الموقعة على الاتفاق النووي المبرم عام 2015 تستعد لإقامة العزاء على جسده الهامد، مع اتخاذ الجانب الأوروبي قرارا بدعم أميركي لتفعيل آلية الزناد فيه (العودة إلى تنفيذ العقوبات) خلال الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة.

وأكد زواري في حديث للجزيرة نت أن بلاده دفعت ضريبة باهظة جدا جراء الانسحاب الأميركي من اتفاق "أراده العالم أن يكون نموذجا لحلحلة القضايا الشائكة عبر الحوار".

إعلان

ويرى أن نتائج الاتفاق النووي جاءت معاكسة للإرادة الإيرانية التي تعرضت مؤخرا لهجمات عسكرية على مدى 12 يوما، وذلك قبل 118 يوما فقط من موعد انتهاء سريان الاتفاق في 18 أكتوبر/تشرين الأول المقبل وفق البنود، في حين كان الهدف الأساسي من توقيعه رفع العقوبات وإبعاد شبح الحرب.

وقال زواري إن الاتفاق النووي حجز مقعدا للدبلوماسية الإيرانية إلى جانب القوى العظمى في بداية المطاف، لكن الانسحاب الأميركي كشف عن هشاشة الضمانات الدولية، وعرّض ثقة طهران بالأوساط والمجاميع الدولية لانتكاسة، ولا سيما أنها كانت قد قيدت عمليا برنامجها النووي وفقا لبنود الاتفاق.

مكاسب وخسائر

واعتبر زواري أن تحرير الأصول الإيرانية المجمدة في الخارج ورفع العديد من العقوبات وإقبال الشركات الدولية على الاستثمار في إيران وزيادة الطلب على النفط كانت أبرز مكاسب طهران من الاتفاق النووي، مستدركا أن إعادة واشنطن العقوبات على طهران عام 2018 أربكت خطط طهران للاستفادة من مزايا الاتفاق وضيّقت الخناق على علاقاتها.

ويرى أن الاتفاق النووي قد أرجأ التصعيد العسكري ضد طهران نحو 10 أعوام تمكنت خلالها من تعزيز قوتها الردعية وتطوير برنامجها النووي.

ويتابع زواري أن هذه الفترة كانت كافية لخرق إيران أمنيا وتنفيذ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية خططا محكمة كشفت الحرب الأخيرة عن جانب منها، كما رسم الطرف المقابل صورة شبه متكاملة عن برنامج طهران النووي.

وخلص زواري إلى أن الاتفاق النووي -ولا سيما في سنواته الأولى- سمح لإيران بشراء الوقت والتقاط أنفاس إضافية، لكن مزاعم رفع التخصيب أدت إلى حرب خسرت خلالها إيران "أبرز قادتها العسكريين وعلماءها النوويين، فضلا عن انتهاك سيادتها وزيادة عزلتها".

مصدر الصورة العملة الإيرانية انخفضت أكثر من 5 أضعاف منذ الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي (شترستوك)

واقع اقتصادي

من جانبه، يعتقد الباحث الاقتصادي بهمن آرمان أن الاتفاق النووي قد انعكس إيجابا على بعض المؤشرات الاقتصادية حتى قبيل الانسحاب الأميركي منه، إذ أدى إلى الإفراج عن عشرات المليارات من الأصول الإيرانية المجمدة في الخارج، مستدركا أن جزءا لا بأس به من تلك الأموال قد تبخر جراء استفحال التضخم عقب عودة العقوبات الأميركية على طهران.

وفي حديثه للجزيرة نت، يشير الباحث الإيراني إلى القفزة التي شهدتها صادرات الخام الإيراني عقب الاتفاق النووي من مليون برميل إلى نحو 2.5 برميل يوميا، موضحا أنه مع عودة العقوبات تراجعت صادرات النفط الإيراني إلى نحو 400 ألف برميل في اليوم.

وأوضح أن مغادرة الشركات الأجنبية من المشاريع التنموية للنفط والغاز قد أضرت قطاع الطاقة أضعاف ما جنته إيران جراء الاتفاق، ولا سيما أن جل الاستثمارات الأجنبية قد ألغيت بعد مرور 3 سنوات على توقيعه.

ولدى إشارته إلى تقلبات الناتج المحلي الإيراني عقب التوقيع على الاتفاق النووي وبعد عودة العقوبات الأميركية، يضيف آرمان أن قيمة الريال الإيراني قد تراجعت مرات عدة خلال السنوات السبع الماضية، حيث انخفضت العملة الإيرانية من 180 ألف و500 ريال للدولار الواحد عشية الانسحاب الأميركي من الاتفاق النووي إلى 873 ألف ريال مقابل العملة الخضراء عشية الذكرى العاشرة لتوقيعه.

إعلان

وبرأيه، فإن الاتفاق النووي لم ينقذ الاقتصاد الإيراني فحسب، بل جعله رهينا لتقلبات سياسات القوى الكبرى -وعلى رأسها الولايات المتحدة -، حتى انعكس سلبا على مؤشرات البطالة وعتبة الفقر والاستثمارات وعودة عوائد صادرات النفط ومبادلات طهران المالية.

وخلص آرمان إلى أن إيران أضحت أكثر فقرا وأقل أمنا بعد مرور نحو 10 أعوام على توقيع الاتفاق النووي، وأن مساعيها لحلحلة الملف الشائك منذ عقود لم تثمر بعد، لأن الانسحاب الأميركي منه جعله عاجزا عن تحقيق وعوده.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا