آخر الأخبار

حرب غزة: كيف تحوّلت مراكز توزيع المساعدات الإنسانية إلى "ساحات للقتل؟"- هآرتس

شارك
مصدر الصورة

في جولة الصحف لهذا اليوم نستعرض عدداً من الموضوعات، بداية من الوضع في غزة، لا سيما قُرب مراكز توزيع المساعدات الإنسانية؛ ثم نتّجه إلى الداخل الإسرائيلي، ومحاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو؛ قبل أن نختتم من إيران وتحذيرات من أن تصبح "عراقاً آخَر"!

ونستهلّ جولتنا من صحيفة هآرتس الإسرائيلية وتقرير مطوّل بعنوان "إنها ساحة للقتل: الجنود الإسرائيليون تلقّوا أوامر بإطلاق النار عَمداً على غزيين عُزل ينتظرون الحصول على مساعدات إنسانية".

ونقلت هآرتس عن جنود إسرائيليين القول إنهم تلقوا أوامر من قيادات في الجيش بإطلاق النار عمداً على جموع فلسطينيين احتشدوا قُرب مراكز لتوزيع المساعدات الإنسانية، على مدار الشهر الماضي.

وقال الجنود لهآرتس إن إطلاق النار كان بهدف إبعاد هؤلاء الغزيين أو تفريق جموعهم، رغم أنهم- وبشكل واضح- لا يشكّلون تهديداً.

ووصف أحد هؤلاء الجنود الوضع في غزة بأنه "انهيار تام للقواعد الأخلاقية للجيش الإسرائيلي".

ووفقاً لإحصاءات السلطات الصحية في غزة، فإن 549 شخصاً قُتلوا قُرب مراكز لتوزيع المساعدات- وفي مناطق حيث كان السُكان ينتظرون شاحنات الأمم المتحدة المحمّلة بالغذاء- منذ الـ 27 من مايو/أيار الماضي؛ وإن أكثر من أربعة آلاف شخص أُصيبوا، لكن الجيش الإسرائيلي لم يكشف من جانبه عن عدد هؤلاء القتلى أو المصابين الغزيين.

وقالت هآرتس إنها عَلِمتْ أن المدّعي العام العسكري الإسرائيلي أعطى تعليمات للجهة المختصة في الجيش بالتحقيق فيما يشتبه في كونه جرائم حرب وقعت في مراكز توزيع المساعدات الإنسانية.

ولفتت هآرتس إلى أن "منظمة غزة الإنسانية" تشغّل أربعة مراكز لتوزيع الغذاء- ثلاثة في جنوب غزة، ومركزاً واحداً في وسطها، مشيرة إلى أن هذه المراكز يقوم على العمل بها أمريكيون وفلسطينيون، فيما يتولى الجيش الإسرائيلي مهمّة تأمينها من مسافة بضع مئات من الأمتار.

ووفقاً للصحيفة الإسرائيلية، يأتي يومياً إلى هذه المراكز آلاف الغزيين وأحياناً عشرات الآلاف للحصول على مساعدات غذائية.

و"على النقيض ممّا تعهدت به منظمة غزة الإنسانية، تضجّ نقاط التوزيع بالفوضى، وتندفع جموع الغزيين الجائعين صوب أكياس الأغذية"، بحسب هآرتس.

وأحصت الصحيفة الإسرائيلية 19 حادثة إطلاق للرصاص قُرب مراكز منظمة غزة الإنسانية لتوزيع المساعدات الغذائية.

ونوّهت هآرتس إلى أنه رغم عدم وضوح هويّة مُطلقي الرصاص دائماً، لكنّ الجيش الإسرائيلي لا يسمح بوجود عناصر مسلحة تابعة له في مناطق المساعدات الإنسانية دونما عِلم مُسبَق.

ولفتت الصحيفة إلى أن مراكز توزيع المساعدات هذه تفتح أبوابها لمدة ساعة واحدة فقط كل صباح، ويقول ضباط وجنود خدموا في هذه المناطق إن الجيش يصوّب الرصاص تجاه الأشخاص الذين يصِلون إلى هذه المراكز قبل موعد فتح الأبواب لمنعهم من الاقتراب، أو تجاه أولئك الذين يأتون بعد غلق هذه الأبواب لتفريقهم.

مصدر الصورة

"وسيلتنا الوحيدة في التواصل هي إطلاق النار"

و"بما أن عدداً من حوادث إطلاق الرصاص وقع في أثناء الليل، قبل موعد فتح الأبواب، فمن المحتمل أن يكون بعض المدنيين الغزيين لم يتمكنوا من رؤية الحدود المُعيّنة التي لا ينبغي عليهم تجاوزها- بسبب الظلام".

وفي ذلك، قال أحد الجنود لهآرتس: "إنها ساحة للقتل.. لقد شاهدتُ بينما كنت في الخدمة كيف أن عدد القتلى من هؤلاء الغزيين يتراوح بين واحد إلى خمسة أشخاص يومياً.. إنهم يُعامَلون كما لو كانوا قوة مُعادية؛ فلا توجد تدابير لمنع الاحتشاد، ولا قنابل غاز مسيلة للدموع- فقط الرصاص الحيّ، والرشاشات الثقيلة، وقذائف الهاون. وما أن يفتح مركز توزيع المساعدات أبوابه حتى يتوقف إطلاق الرصاص، ويعرف هؤلاء الجائعون أن بإمكانهم الاقتراب. إن وسيلتنا الوحيدة في التواصل هي إطلاق النار"، على حد تعبيره.

وقال جنود إسرائيليون لصحيفة هآرتس إن الجيش لا يسمح للعامة في إسرائيل أو في الخارج بمشاهدة لقطات لما يحدث حول مراكز توزيع المساعدات الإنسانية في غزة.

وبحسب هؤلاء الجنود، فإن الجيش الإسرائيلي مقتنع بأن عمليات منظمة غزة الإنسانية حالت دون الانهيار التام لمشروعية استمرار هذه الحرب دولياً.

وعبّر هؤلاء الجنود، في حديثهم لهآرتس، عن اعتقادهم بأن الجيش الإسرائيلي قد تمكّن من تحويل غزة إلى "فِناء خلفي"، لا سيما منذ بداية المواجهة مع إيران.

وأوضح أحد جنود الاحتياط: "لم تعُد غزة محلّ اهتمام أحد. لقد أصبحت مكاناً تحكمه قوانينه الخاصة، حيث خسارة حياة الإنسان لا تعني أيّ شيء، ولا حتى تُعتبر حادثة تستدعي الأسف"، وفقاً للصحيفة.

"هل تُلغى محاكمة نتنياهو؟"

مصدر الصورة

وفي هآرتس أيضاً، نطالع مقالاً افتتاحياً بعنوان "هل خرق نتنياهو القانون؟ هذا تحدّده المحكمة، وليس ترامب أو هيرتسوغ".

وعلقت الصحيفة على قيام الرئيس الأمريكي ترامب بالحَثّ على إلغاء محاكمة نتنياهو أو بالعفو عنه، واصفةً ذلك بأنه "تدخُّل فجّ" في الشؤون الداخلية الإسرائيلية.

"لكنّ الأمر المؤسف أن أحداً لم يخبر ترامب بأن "القضايا انهارت" وبأن نتنياهو لا يجد مانعاً في إدارة شؤون البلاد ومتابعة محاكمته الجنائية في آن واحد، ومن ثمّ فلا داعٍ لتدخُّل الرئيس الأمريكي"، حسبما تابعت الصحيفة الإسرائيلية.

ورأت هآرتس أن ترامب أخطأ عندما قرّر التدخُّل في هذه القضية، لسببين: أوّلهما أن ذلك التدخل من شأنه إضعاف نظام إنفاذ القانون في إسرائيل، في مقابل تعزيز حالة الاستقطاب في هذا البلد؛ أما السبب الثاني فهو أن مثل هذا التدخل "الفَجّ" يصوّر إسرائيل كما لو كانت تحت الوصاية الأمريكية.

وعدَّدت الصحيفة الإسرائيلية أيادي الرئيس الأمريكي على إسرائيل، لا سيما في المواجهة الأخيرة مع إيران، كما قدّرت جهود ترامب- عبر مبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف- على صعيد تحرير الرهائن الإسرائيليين من قطاع غزة.

واستدركت هآرتس: "لكن يا حبّذا مع ذلك، لو رفع الرئيس ترامب يده عن محاكمة نتنياهو، وصبّ تركيزه في إنجاز هدف آخر كان قد وضعَه لنفسه وهو- إنهاء الحروب".

ورأت الصحيفة أن نتنياهو، كالمعتاد، يحاول استغلال الوضع الراهن- وحالة التوافق الوطني النسبيّ إزاء المواجهة مع إيران- من أجل مصلحته الشخصية متمثلة في إلغاء المحاكمة.

وعلّقت هآرتس على دعم عدد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية-م ن أمثال جدعون ساعر، وشلومو كارعي- لطلب ترامب بإلغاء محاكمة نتنياهو، رغم ما تردّده هذه الحكومة من شعارات تنضَح بالسيادة والكرامة الوطنية. ورأت الصحيفة في ذلك مدعاة للسخرية.

"لكن الأهم من كل ما تقدّم، أنه يكشف أننا إزاء تحرُّك سياسي تمّ التخطيط له جيداً، وهو تحرُّك يستهدف إلغاء محاكمة نتنياهو"، وفقاً للصحيفة.

ولفتت هآرتس إلى أن أحد الطرق لوقف المحاكمة هو أن يقوم الرئيس الإسرائيلي هيرتسوغ بالعفو عن نتنياهو إذا ما تقدّم الأخير بطلب للحصول على عفو رئاسي.

ورجّحت الصحيفة أن يكون ذلك ما يسعى إليه كثيرون من المقرّبين لنتنياهو، لا سيما وأن هيرتسوغ سبق وقال إنه يعتقد أن المحاكمة ينبغي أن تنتهي بـ"صفقة إقرار بالذنب".

"لا تدَعوا إيران تصبح عراقاً آخَر"

مصدر الصورة

ونختتم جولتنا من مجلة فورين بوليسي الأمريكية، ومقال بعنوان "لا تدَعوا إيران تصبح عراقاً آخَر"، للباحثة جين داربي مينتون، زميلة برنامج السياسة النووية بمؤسسة كارنيغي للسلام الدولي.

ورأت الباحثة أن المواجهة الأخيرة على إيران فتحت الباب على فترة جديدة من "عدم اليقين النووي"، والذي يمكن أن يزداد ويحتَدّ ما لم يتمّ التعامل معه بسرعة وبراعة.

وقالت الباحثة إنه من الواضح أن البرنامج النووي الإيراني قد تضرّر، لكن من المبكر القول إلى أيّ مدى بلغ هذا الضرر.

ونوّهت إلى أن إيران فيما يبدو لا يزال لديها يورانيوم عالي التخصيب، بكمية قد تكون كافية لتطوير عدد من القنابل النووية إذا هي قررت متابعة عملية التخصيب.

ونبّهت باحثة كارنيغي إلى أن هناك حاجة إلى "دبلوماسية بارعة" من أجل تيسير عملية السلام والحيلولة دون اشتعال أزمات جديدة في المستقبل بسبب احتداد حالة عدم اليقين إزاء قدرات إيران النووية.

ولفتت الباحثة إلى أن المفاوضات النووية نادراً ما تكون سهلة، وبالذات مع طهران؛ و"من سوء الطالع أن الحرب الأخيرة على إيران قوّضت العديد من الأدوات والمؤسسات التي طالما اعتمدت عليها الولايات المتحدة وأطراف أخرى لإبعاد شبح المخاطر النووية".

وحذّرت الباحثة من أن تؤدي الضربات الموجعة التي تلقاها النظام الإيراني إلى زيادة تصميمه على تطوير سلاح نووي.

"وإذا ما قررت إيران السير في طريق تصنيع قنبلة، فلسوف تلجأ إلى مسارات أصعب في اقتفائها من تلك التي كانت تسير فيها قبل الحرب"، بحسب الباحثة.

ونوّهت جين إلى أن "إيران لن تكون في حاجة إلى إعادة بناء منشآت ضخمة مثل مفاعل نطنز أو فورود، إذا هي قررت الإسراع في تصنيع قنبلة. علماً بأن المواقع الأصغر حجماً تكون مهمة مراقبتها أصعب، حتى على أجهزة الاستخبارات القوية".

ونبّهت الباحثة إلى أن "طهران، بما لها من سِجِلّ عريق في إخفاء أنشطتها النووية، ستسعى جاهدة إلى إقناع المجتمع الدولي بأنها قد تخلّت عن مشروعها النووي".

وهنا، حذّرت صاحبة المقال من خطورة تدهور العلاقات بين إيران وبين الوكالة الدولية للطاقة الذرية، لافتة إلى الدور الحيوي الذي لعبته الوكالة على صعيد إبطاء خُطى البرنامج النووي الإيراني.

ولفتت الباحثة في هذا الصدد إلى تمرير البرلمان الإيراني، بعد الحرب الأخيرة، مشروع قانون يطالب الحكومة بوقف التعاون بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية بشكل تام.

ورأت جين أن المجتمع الدولي في حاجة إلى الوقوف على القدرات المتبقية لدى إيران بعد هذه الحرب، مشيرة إلى أنه لا مفرّ من بعض الشك، لا سيما إذا أظهرت إيران عدم تعاوُن.

وعادت الباحثة بالأذهان إلى حرب الخليج الأولى، في بداية حقبة التسعينيات، مشيرة إلى أنه رغم تفكيك العراق برنامجه النووي بعد هزيمته في تلك الحرب، إلا أن المجتمع الدولي حينها لم يصدّق الجانب العراقي، والسبب في عدم التصديق يرجع في جزء منه إلى سِجِلّ نظام صدام حسين في العرقلة المستمرة للمفاوضات النووية وأعمال التفتيش، بحسب الباحثة.

"ومع الوقت، زادت الشكوك واحتدّت حالة عدم اليقين إزاء البرنامج النووي العراقي، ما أفضى في النهاية إلى تدخّلات لا نهائية"، على حد تعبير الكاتبة التي شدّدت على أن "التعامل مع القضايا النووية على ذلك النحو لم يُفضي إلى استقرار إقليمي".

وخلصت زميلة كارنيغي إلى أنه "إذا كانت جميع الأطراف، بما في ذلك إيران، تطمح إلى ما هو أكثر من مجرد هُدنة بين سلسلة من الأزمات النووية، فعليهم أن يعطوا أولوية لاستعادة درجة من الشفافية، ويا حبّذا لو تمّ ذلك عبر آليات متعددة الأطراف".

واختتمت الباحثة بالقول إن "العقبات بين إيران والوكالة الدولية للطاقة الذرية ربما يكون من الصعب تجاوُزها، لكن في حال غياب التعاون بشكل نهائي، فسيكون من الصعب تفادي اشتعال أزمات مستقبلية، والأصعب من ذلك سيكون نزع فتيل هذه الأزمات".

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا