آخر الأخبار

من بينها مسجد بالقدس.. إسرائيل تمهد لحظر الأذان في مدن فلسطينية

شارك

في خطوة وصفت بالاستفزازية وتفتح الباب أمام تصعيد جديد ضد الرموز الدينية الإسلامية في الداخل الفلسطيني و القدس ، وجهت وزيرة حماية البيئة الإسرائيلية، عيديت سيلمان، رسالة رسمية إلى المفتش العام للشرطة، داني ليفي، تطالبه باتخاذ إجراءات فورية للحد مما سمته "التلوث الضوضائي" الناتج عن استخدام مكبرات الصوت في المساجد، وعلى رأسها صوت الأذان.

وتتركز مطالبة الوزيرة على فرض رقابة صارمة على مساجد تقع في مدن ساحلية (مختلطة) وأحياء عربية داخل أراضي 48، مثل يافا و اللد و الرملة و حيفا و بئر السبع ، إضافة إلى مدينة القدس المحتلة، مع التركيز على 3 مساجد بعينها: مسجد السكسك في يافا، والمسجد العمري الكبير في اللد، ومسجد عين سلوان في القدس.

وجاء في رسالة سيلمان أن وزارتها تلقت "شكاوى متكررة" بشأن ما وصفته بالضجيج المرتفع الناتج عن استخدام مكبرات الصوت في المساجد. وأشارت إلى أن فرق الوزارة أجرت قياسات صوتية كشفت "تجاوزات خطيرة" للحدود القانونية المسموح بها، بحسب تعبيرها.

اللافت في خطاب الوزيرة هو تصعيد النبرة، إذ اعتبرت أن القضية لم تعد بيئية فحسب، بل تحولت إلى "مسألة تتعلق بالحوكمة وتطبيق القانون".

ودعت إلى خطوات "حاسمة" تشمل تفعيل أجهزة مراقبة الضوضاء، وفرض غرامات، ومصادرة مكبرات الصوت، وحتى فتح ملفات تحقيق بحق من وصفتهم بـ"المخالفين".

مصدر الصورة المسجد العمري الكبير في مدينة اللد، وأمامه عدد من المصلين بالإضافة إلى عناصر من الشرطة الإسرائيلية (الجزيرة)

تضييق وتهويد

لم تكتف سيلمان بذلك، بل قارنت بين الوضع في إسرائيل ودول عربية مثل مصر والسعودية، زاعمة أن هذه الدول "تفرض قيودا واضحة على مكبرات الصوت في المساجد"، على حد قولها، مضيفة أن "الفراغ القانوني" في إسرائيل أدى إلى "تفاقم الظاهرة".

إعلان

من بين المساجد المستهدفة، يشكل مسجد عين سلوان في القدس حالة خاصة، نظرا لموقعه الحساس ومحيطه الملتهب بفعل التوسع الاستيطاني. هذا المسجد التاريخي، الذي يعد من أقدم مساجد حي سلوان ، يواجه منذ سنوات حصارا خانقا بفعل إقامة بؤر استيطانية في محيطه.

كما أُغلقت الطرق المؤدية إليه من جهة "أرض الحمراء"، بعد الاستيلاء عليها من قبل المستوطنين أواخر عام 2022، في خطوة أثارت غضب المقدسيين.

وبحسب مراقبين، فإن إدراج هذا المسجد في رسالة سيلمان ليس مجرد مصادفة، بل يندرج ضمن مسار طويل من محاولات تهويد المكان وتضييق الخناق على الحضور الإسلامي فيه.

مصدر الصورة الخطيب: هذا التمادي الإسرائيلي نابع من غياب أي موقف عربي وإسلامي رادع، ولا يؤدي إلا إلى صب الزيت على النار (الجزيرة)

أسباب ودوافع

في قراءة لأسباب ودوافع القرار الإسرائيلي بمهاجمة صوت الأذان، يرى رئيس لجنة الحريات في الداخل الفلسطيني، الشيخ كمال الخطيب ، أن استهداف الأذان يعكس نشوة القوة التي يعيشها اليمين الإسرائيلي في ظل تصاعد العدوان على الفلسطينيين، وسط صمت دولي وتواطؤ بعض الأنظمة العربية والإسلامية، بل ومشاركتها أحيانا في حصار غزة.

وأوضح الخطيب، للجزيرة نت، أن هذا الشعور بالتفوق والسطوة يعزز لدى الإسرائيليين نزعة الحقد والكيد، ويغذي لديهم الميل نحو التصعيد، كما يتجلى في الاقتحامات المتكررة للمسجد الأقصى والاستهداف المتزايد للمقدسات الإسلامية، وفي محاولة إسكات الأذان كأحد رموز الهوية الإسلامية في الداخل الفلسطيني والقدس.

وأشار إلى أن هذا التمادي الإسرائيلي نابع من قناعة بأن العالم العربي والإسلامي لن يرد، وأن غياب أي موقف رادع شجع المؤسسة الإسرائيلية على مواصلة استهداف الرموز الوطنية والدينية للشعب الفلسطيني.

وأكد خطيب أن هذه السياسات لن تمر، وأن صوت الأذان سيبقى يصدح رغم كل المحاولات لإسكاته، لأن الشعب الفلسطيني متمسك بهويته الدينية والوطنية، ولن يسمح بتغييبها.

إعلان

وحذر خطيب من أن هذه القرارات لا تؤدي إلا إلى صب الزيت على النار، إذ تخلق حالة من الاحتكاك والتوتر في مجتمع يعيش أصلا ظروفا مشتعلة.

وأضاف: "تحت تأثير نشوة القوة وجنون التفوق، تغيب الحكمة ويغيب العقل، وتدفع المنطقة كلها نحو مزيد من الاشتعال".

مصدر الصورة مئذنة مسجد السكسك في مدينة يافا الذي يعد من أبرز المعالم فيها، تم تشييده عام 1883 (الجزيرة)

تكريس وطمس

أما المحامي والحقوقي المختص بشؤون القدس والأقصى، خالد زبارقة، فرأى في خطاب سيلمان "محاولة مبيتة لفرض أجندة يهودية متطرفة على الحيز العام"، معتبرا أن ربط الأذان بـ"التلوث الضوضائي" هو "تحريف متعمد لجوهر الشعيرة الدينية التي تمثل جزءا أصيلا من هوية البلاد وسكانها الأصليين".

وأوضح زبارقة للجزيرة نت أن سياسات الوزيرة تنسجم مع توجهات تيارات الصهيونية الدينية واليمين المتطرف، التي تسعى لتكريس مفهوم "يهودية الدولة" من خلال طمس الرموز العربية والإسلامية، سواء في المشهد المعماري أم المسموع أو حتى الثقافي.

وذهب زبارقة إلى القول إن "المؤسسة الإسرائيلية تسعى إلى ملاحقة الفلسطينيين دينيا، بدءا من الأذان، وصولا إلى قبة المسجد ومئذنته"، محذرا من أن تمرير هذا القرار سيمهد لتعميمه على كامل أراضي فلسطين التاريخية.

أمام هذا المشهد، يشكك زبارقة بجدوى أي تحرك قانوني ضد القرار، متهما الجهاز القضائي الإسرائيلي بأنه "أداة بيد السلطة"، لا يتردد في تبني سياسات عنصرية حتى وإن خالفت الدستور.

مصدر الصورة زبارقة دعا إلى تحرك شعبي واسع لمواجهة القرار وكسر حاجز الصمت رفضا للمساس بالهوية الدينية للفلسطينيين (الجزيرة)

دعوة لكسر حاجز الصمت

وفي ظل ضعف الثقة بالقنوات الرسمية، دعا زبارقة القيادات الفلسطينية في الداخل إلى تحرك شعبي واسع لمواجهة القرار، عبر كسر حاجز الخوف والخروج في مظاهرات رافضة، خصوصاً أن المساس بصوت الأذان يمس جوهر الهوية الدينية والوطنية للفلسطينيين.

إعلان

وحذر من أن تطبيق القرار قد يؤدي إلى انفجار احتجاجات في الداخل والقدس، لا سيما أن الأذان يمثل لدى الفلسطينيين أحد أبرز معالم وجودهم في البلاد، ويمتد رمزيا إلى الدفاع عن المسجد الأقصى والمقدسات عموما.

رغم محاولة سيلمان تبرير خطوتها باعتبارات "بيئية"، فإن مضمون رسالتها وتوقيتها "يكشفان عن سياسة إسرائيلية ممنهجة تستهدف ما تبقى من ملامح الهوية الإسلامية والعربية في المدن الفلسطينية، إنها ليست معركة صوت، بل معركة وجود"، كما يقول زبارقة.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا