في زيارة غير معلنة.. الرئيس السوري أحمد الشرع يصل إلى #تركيا ويلتقي نظيره التركي رجب طيب #أردوغان في #إسطنبول، ووزيرا الخارجية والدفاع السوريين يرافقان الرئيس الشرع في زيارته#الأخبار #الجزيرة_سوريا pic.twitter.com/Znsk3dN1dp
— قناة الجزيرة (@AJArabic) May 24, 2025
أنقرة- في زيارة غير معلنة هي الثالثة له إلى تركيا منذ توليه السلطة مطلع العام الجاري، وصل الرئيس السوري أحمد الشرع، اليوم السبت، إلى إسطنبول، حيث التقى نظيره التركي رجب طيب أردوغان في قصر دولما بهتشة.
وعُقد اللقاء خلف أبواب مغلقة، بحضور كبار المسؤولين الأمنيين والعسكريين من الجانبين، من بينهم وزير الخارجية هاكان فيدان، ووزير الدفاع يشار غولر، ورئيس الاستخبارات إبراهيم قالن، ورئيس هيئة الصناعات الدفاعية خلوق غورغون، كما ضم من الجانب السوري وزير الخارجية أسعد الشيباني ووزير الدفاع مرهف أبو قصر.
تأتي زيارة الرئيس السوري إلى تركيا في سياق إقليمي ودولي بالغ الأهمية، إذ تزامنت مع إعلان الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رسميا رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا في تحول كبير للسياسة الغربية بعد إطاحة نظام بشار الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويكتسب توقيت الزيارة أهمية خاصة كونها تأتي بعد يومين فقط من زيارة رئيس جهاز الاستخبارات التركي إبراهيم قالن إلى دمشق، والتي تناولت ملفات أمنية حساسة، خاصة قضية تسليم وحدات حماية الشعب الكردية سلاحها واندماجها في قوات الأمن السورية، وهو الملف الذي شهد تأخرا في التنفيذ عما كان معلنا سابقا.
وتأتي أيضا في ظل تصريحات أردوغان الأخيرة حول التواصل مع العراق وسوريا بشأن نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، مما يعكس مساعي تركيا لتحقيق تقدم في هذا الملف الأمني الحساس.
أفاد بيان صادر عن الرئاسة التركية بأن اللقاء تناول جملة من الملفات الثنائية والإقليمية والدولية، في مقدمتها تطورات المرحلة الانتقالية في سوريا ومسارات التعاون بين البلدين.
وأكد الرئيس أردوغان، خلال المباحثات، أن "أياما أكثر إشراقا وسلاما" تنتظر سوريا، مجددا التزام بلاده بالوقوف إلى جانب الشعب السوري كما فعلت منذ بداية الأزمة.
ورحب أردوغان بقرار الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي رفع العقوبات عن سوريا، واعتبر ذلك خطوة مهمة تهيئ الأرضية لعودة الاستقرار.
وفي ما يخص التصعيد الإسرائيلي، وصف الرئيس التركي الاحتلال والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي السورية بأنها "غير مقبولة"، مؤكدا استمرار تركيا في رفضها هذه الانتهاكات عبر كل المنابر الإقليمية والدولية.
وأشار البيان إلى أن الجانبين ناقشا آفاق التعاون في مجالات حيوية، على رأسها الطاقة والدفاع والنقل، إذ أكد أردوغان أن تركيا ستواصل الوفاء بما تقتضيه علاقات "الجوار والأخوة"، بما يشمل الدعم الفني والسياسي خلال مرحلة إعادة بناء الدولة السورية.
وفي المقابل، عبّر الرئيس السوري أحمد الشرع عن امتنانه للموقف التركي، مثنيا على الدور الحاسم الذي لعبته أنقرة في رفع العقوبات ودفع المجتمع الدولي للاعتراف بالسلطة الجديدة في دمشق.
من جهتها، قالت الوكالة السورية للأنباء إن وزيري الخارجية والدفاع السوريين سيلتقيان نظيريهما التركيين في تركيا لبحث الملفات المشتركة بين البلدين.
وأضافت الوكالة أن الرئيس السوري ووزير خارجيته التقيا المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى سوريا، توم باراك، لبحث تطورات الملف السوري خلال الزيارة.
في السياق، يرى الباحث في مركز سيتا للدراسات كوتلوهان قورجو أن غياب أي إعلان رسمي أو تغطية إعلامية مسبقة لزيارة الرئيس السوري إلى تركيا لا يعني بالضرورة أنها كانت سرية، بل يعكس -برأيه- ضيق الحيز الزمني للزيارة، وطبيعة الملفات الحساسة المطروحة خلالها.
ويعتقد قورجو -في حديث للجزيرة نت- أن من بين العوامل التي دفعت لعقد هذا اللقاء رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وتعيين السفير الأميركي لدى أنقرة مبعوثا خاصًا إلى سوريا، إلى جانب تصاعد أهمية ملف وحدات حماية الشعب (قسد) في الأجندة الأمنية التركية.
ويلفت إلى أن مشاركة وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصر في اللقاء تعزز الاعتقاد بأن قضية انتشار القوات الكردية وقضية "المواقع العسكرية المحتملة" كانتا ضمن أولويات جدول الأعمال، إلى جانب ما وصفه بـ"التقدم الفني في الحوار التركي الإسرائيلي بشأن سوريا"، الذي قد يكون طُرح أيضًا في اللقاء.
وأضاف قورجو أن لقاء الرئيس أحمد الشرع بالمبعوث الأميركي الخاص توم باراك يعكس حرص القيادة السورية الجديدة على التواصل المباشر مع واشنطن، وإدراكها حساسية هذا المسار، في ظل استمرار وجود ملفات عالقة بين الطرفين. وفي هذا الإطار، أشار إلى أن الزيارات الميدانية التي أجراها مسؤولون سوريون إلى تلك المخيمات قد تكون جاءت استجابة ضمنية لبعض التوقعات الأميركية.
يرى المحلل السياسي محمود علوش أن زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى تركيا تكتسب أهمية استثنائية في ظل التحولات الجوهرية التي طرأت على المشهد السوري مؤخرا، لا سيما في ما يتعلق بمسار التسويات السياسية والأمنية.
وحسب علوش، فإن أنقرة تتطلع إلى تعزيز التعاون مع الإدارة السورية الجديدة لمعالجة ملف قسد ضمن إطار اتفاقية الاندماج الجارية، التي تشكل جزءا من مسار أوسع متعلق بإحياء عملية السلام بين تركيا وحزب العمال الكردستاني. ويعتقد أن الظروف أصبحت ناضجة لتحقيق تقدم فعلي في هذا المسار، خاصة في ظل ما وصفه بـ"الانسجام الأميركي النسبي" مع مقاربة تركيا للملف السوري.
كما يشير إلى أن أنقرة معنية أيضا بالتوصل إلى ترتيبات أمنية ثنائية مع دمشق ودول الإقليم لمواجهة تهديد عودة تنظيم الدولة (داعش)، بما يشمل ملف تسليم سجون داعش ومعسكرات الاحتجاز إلى الحكومة السورية، وهي خطوة ترى فيها تركيا ضرورة لتمكين دمشق من تولي المسؤولية الأمنية الكاملة على حدودها.
ويختم علوش بالقول إن النتائج المباشرة لهذه الزيارة ربما لا تظهر فورا، لكنها -برأيه- ستتجلى تدريجيا من خلال استكمال مسار الاندماج وتنفيذ التفاهمات الأمنية والعسكرية التي جرى التوافق عليها بين الجانبين.