في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
غزة- بصوت خافت بسبب الإعياء الشديد، يقول الأسير المحرر أحمد دبابش "تعرضنا لتحقيق قاسٍ وتعذيب شديد داخل معتقل "بركس حديدي" الذي أُنشئ حديثا لأسرى قطاع غزة، لم نر منه الشمس، ولا نعلم مواقيت الصلاة، ومنعنا الجيش الإسرائيلي من التحدث مع بعضنا".
وأوضح للجزيرة نت أنه قضى -مع عشرات الأسرى- أياما طويلة من التعذيب وهو معصوب العينين ومكبل اليدين، وأجبرهم الاحتلال على وضعية جلوس مؤلمة دون تغييرها، ومنعهم من قضاء حاجتهم.
وبعد نقل دبابش إلى سجن "عوفر"، واصلت قوات الاحتلال منعه من التواصل مع عائلته أو لقاء محاميه، وبقي محروما من كمية كافية من الطعام، وواصل السجانون التنكيل بالأسرى حتى اللحظات الأخيرة قبل الإفراج عنهم وتسليمهم للصليب الأحمر.
ظهرت علامات التعذيب على أجساد الأسرى الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم قوات الاحتلال في الدفعات الأربع الماضية ضمن اتفاق وقف إطلاق النار بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والحكومة الإسرائيلية.
وتعمدت إدارة السجون الإسرائيلية تسليم أسرى قطاع غزة للجنة الدولية للصليب الأحمر مع تغطية رؤوسهم، بعدما أجبرتهم على المرور بين صفوف من جنود الاحتلال الذين انهالوا عليهم بالضرب، وروعوهم بالكلاب البوليسية، في حين هددت أسرى الضفة الغربية المحتلة بالقتل وإعادة الاعتقال.
من جانبه، لا ينسى الأسير المحرر مصطفى حسونة صرخات الألم التي كان يطلقها وهو في طريقه لمعتقل "سدي تيمان" بعدما انهال عليه جنود الاحتلال بالضرب بالهراوات وأعقاب البنادق، وركله بالأقدام.
ووصف حسونة للجزيرة نت هذا المعتقل، الذي أقامه الجيش الإسرائيلي خصيصا لأسرى غزة، بالجحيم. وأضاف أن جميع الأسرى كانوا يعانون من التعب والهزال وتعرضوا للإغماء بسبب البرد والجوع، وتعمدت قوات الاحتلال تعريتهم في الأجواء شديدة البرودة، "فخارت قواهم، لا سيما أن عددا منهم مرضى".
واتبع الاحتلال أساليب التعذيب ذاتها بحق أسرى الضفة، حيث شعر الأسير المحرر ناجي بشارات من محافظة طوباس بأنه سيفقد يديه بعدما تعمد السجان شد القيد عليهما، وسب أمه وبناته بأبشع الشتائم في الأيام الأخيرة قبل الإفراج عنه.
ويقول بشارات للجزيرة نت "أجبرتني قوات الاحتلال على وضع رأسي بين قدمي لالتقاط صورة مذلة لي برفقة العديد من الأسرى، وتركز ضربنا على أجزاء حساسة من أجسادنا، وكأن لدى السجانين توصية بزيادة تعذيبنا". وفي اليوم المحدد للإفراج عنه، "هدده ضابط جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) "بالتصفية والقتل إذا قام بأي عمل يهدد أمن إسرائيل"، وفق تصريحه.
وسحل السجانون الأسير إبراهيم صلاح من بلدة الخضر، وبقي دون ملابس في البرد القارس، بعدما تم الاعتداء على أماكن حساسة من جسده، ولم يشفع له تجاوزه 65 عاما من عمره ومرضه بالفشل الكلوي وقرحة المعدة، أمام "همجية" جنود الاحتلال.
وأطلقت قوات الاحتلال الكلاب على صلاح رفقة مجموعة من الأسرى الذين تقرر الإفراج عنهم، وسحلوهم في غرف التحقيق، وهددوهم بالسجن والتعرض لذويهم إذا تحدثوا "ولو بكلمة تضر بمصالح إسرائيل"، حسب ما قال للجزيرة نت.
من جهته، يعتقد الأسير المحرر سمير طوباسي أن الاحتلال صعد اعتداءاته ضد المعتقلين خلال الحرب على غزة، في حين شهدت الأيام الأخيرة له داخل السجن ما وصفها بالمجزرة بعدما حرمتهم إدارة السجون من الطعام طيلة 3 أيام، وصادرت ملابسهم، وعرضتهم للضرب مما أدى لكسور لدى معظمهم في القفص الصدري والأيدي وكدمات في الرأس والبطن.
وتنوعت أساليب التعذيب التي انتهجتها قوات الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين أبرزها الاعتداء الجسدي، وتعمد السجانون ضربهم بشدة وتعريضهم لإهانات لفظية ومنعهم من الطعام حتى اللحظات الأخيرة قبل الإفراج، وفق حديث عبد الله قنديل مدير جمعية واعد للأسرى والمحررين للجزيرة نت.
وأوضح أن أسرى غزة تعرضوا للتهديد بالقتل بعدما وضع جنود الاحتلال أساور ورقية على معاصمهم تحمل عبارات وعيد للأسير وللشعب الفلسطيني، والتهديد بارتكاب مجازر.
ولفت قنديل إلى أن الأسرى المحررين عانوا من إهمال طبي متعمد، وظهرت عليهم أمراض جلدية وانتكاسات صحية واضحة نتيجة ظروف الاعتقال القاسية، وخرج العديد منهم في حالة صحية ونفسية متدهورة.
ووفق عبد الله قنديل مدير جمعية واعد للأسرى والمحررين، اقتحمت قوات الاحتلال منازل عدد من الأسرى المحررين في محافظات الضفة المحتلة، وعمدت إلى تدمير محتوياتها وتهديد ذويهم، بهدف منع إقامة أي مظاهر لاستقبالهم أو الاحتفال بتحريرهم.
وبرأيه، فإن ما يتعرض له الأسرى والأسيرات في اللحظات الأخيرة قبل الإفراج عنهم يعكس مدى "الهمجية والبربرية الإسرائيلية، ويكشف مدى الهزيمة في نفوس الجنود والتعبير عن مكنوناتهم بالاعتداء على أسرى مقيدين يعانون من تجويع وتعذيب وحرمان من التواصل مع ذويهم".
ونوه قنديل إلى أن الاحتلال زاد من تعذيبه للأسرى منذ بداية الحرب على غزة وارتكب جرائم مروعة بحق الأسرى، أسفرت عن قتل العشرات منهم نتيجة التعذيب الشديد.
في السياق ذاته، قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان إن الحالة الصحية المتدهورة للأسرى والمعتقلين الفلسطينيين الذين أفرجت عنهم إسرائيل في إطار صفقة التبادل تعكس الظروف القاسية التي عاشوها خلال اعتقالهم.
وأوضح أنه ظهر على معظمهم علامات تدهور صحي حاد مع فقدانهم عدة كيلوغرامات من وزنهم جراء التجويع المتعمد، في حين حولت قوات الاحتلال سجونها إلى مراكز تعذيب منهجي للأسرى بينهم المحكومون والمحتجزون قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
من جانبها، وصفت حركة حماس ما تعرض له الأسرى بـ"الانتهاكات المروعة وجرائم ضد الإنسانية، التي تستدعي تدخلا فوريا من المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية لوقفها، ومحاسبة مرتكبيها".