في ظل تصاعد الحديث عن مفاوضات محتملة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن تحقيق "تقدم كبير" بين روسيا وأوكرانيا، بينما أعلن الكرملين عن وجود خطط لإجراء محادثات مع إدارة ترامب.
وتشير التقارير الإعلامية إلى إمكانية عقد لقاء بين ترامب والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في السعودية أو الإمارات، في خطوة قد تحدد مستقبل النزاع الأوكراني.
لكن السؤال الأهم: هل نحن أمام نهاية وشيكة للحرب؟ وما الشروط التي قد تفرضها واشنطن وموسكو لإنجاز تسوية سياسية؟
ترامب يواجه تحديات أكبر مما يتوقع
يرى مراسل "نيوزماكس" في البيت الأبيض جون غيزي خلال حديثه لبرنامج "أميركا اليوم" على سكاي نيوز عربية أن الحل ليس بهذه السهولة، مشيرًا إلى أن "الأمور تصبح أكثر تعقيدًا للرؤساء بمجرد توليهم المنصب، حيث يواجهون تحديات حقيقية تختلف عن تلك التي كانوا يتحدثون عنها كمرشحين".
ورغم تفاؤل ترامب، يشير غيزي إلى أن إنهاء الأزمة قد يستغرق وقتًا أطول مما يعتقد البعض، تمامًا كما حدث في الماضي مع قضايا مثل فجوة الصواريخ في الستينيات. كما أكد أن "ترامب كان أول رئيس قدم أسلحة لأوكرانيا لتدافع عن نفسها، على عكس أوباما الذي اكتفى بتقديم معدات بسيطة مثل البطاطس".
لكن رغم ذلك، لا يعتقد غيزي أن ترامب سيتخلى عن أوكرانيا بسهولة، موضحًا انه بعد عامين من الصراع، بدأ العالم بالدعوة لفعل شيء حيال ذلك، وترامب قد يكون الوسيط المحتمل في مفاوضات وقف إطلاق النار.
أما عن مستقبل أوكرانيا، فالمراسل المخضرم يشير إلى أن بوتين قد يعيد الأراضي التي استولى عليها في عام 2020، شريطة عدم نشر أسلحة للناتو على حدود روسيا، وهو مطلب رئيسي لموسكو.
ترامب بلا استراتيجية واضحة
لكن التفاؤل الذي يبديه ترامب وأنصاره لا يحظى بإجماع داخل واشنطن. يحذر الخبير الاستراتيجي الديمقراطي كالفن دارك من أن سياسة ترامب تجاه روسيا "تفتقر إلى المبادئ الأمريكية في الحرب"، مضيفًا أن نهجه يعتمد فقط على "التخويف، وليس على خطة واضحة لإنهاء الصراع".
ويرى دارك أن التواصل مع روسيا دون وجود أوكرانيا على الطاولة قد يشجع موسكو على مزيد من الاستفزازات المستقبلية، مشيرًا إلى أن بوتين قد يستغل أي مفاوضات مباشرة مع ترامب لصالحه. كما يحذر من أن تصريحات ترامب قد ترسل رسالة خاطئة لروسيا والصين وإيران، بأنها تستطيع التصرف دون رادع.
لكن في المقابل، يعترف دارك بأن "إجراءات بايدن كانت جيدة في حماية المبادئ الأوروبية"، رغم التحديات التي يواجهها البيت الأبيض في تأمين دعم أوكرانيا على المدى الطويل.
هل تكون الانتخابات الأوكرانية مفتاح الحل؟
في ظل هذه التطورات، يبقى مستقبل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي محل تساؤل، خاصة مع انتهاء ولايته وعدم وضوح شرعية استمراره في السلطة. جون غيزي يرى أن الوضع الحالي يتطلب "وقف إطلاق النار لحل المشكلات السياسية، حيث يمكن أن تكون الانتخابات المقبلة خطوة نحو استعادة الشرعية في أوكرانيا".
لكن دارك يحذر من أن "إلغاء الانتخابات واستمرار زيلينسكي في السلطة قد يكون خطأ استراتيجيًا"، مما قد يزيد من الانقسامات داخل أوكرانيا ويضعف موقفها في أي مفاوضات مع روسيا.
حرب أوكرانيا إلى أين؟
مع احتمالية عقد لقاء بين ترامب وبوتين، تبدو الحرب الأوكرانية عند مفترق طرق. إذا تم التوصل إلى اتفاق، فقد يكون ذلك مقدمة لتجميد الصراع أو حتى إنهائه، لكن بشروط قاسية قد لا تقبلها كييف بسهولة.
ويبقى السؤال مفتوحًا: هل يمكن لترامب، المعروف بأسلوبه غير التقليدي، أن يحقق اختراقًا حقيقيًا في هذا الملف المعقد؟ أم أن تصريحات "التقدم الكبير" ليست سوى دعاية انتخابية جديدة؟