يعتمد اقتصاد الصين بشكل متزايد على الصادرات، مما يجعله أكثر عرضة لتحديات تجارية جديدة من الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب.
شهدت الصادرات الصينية إلى العالم نموًا بنسبة 5.9% العام الماضي مقارنة بالعام السابق، حيث بلغت قيمتها 3.6 تريليون دولار، وفقًا للبيانات الصادرة يوم الاثنين.
تشير هذه البيانات إلى أن التجارة قد تشكل نحو خمس النمو الاقتصادي المتوقع للصين بنسبة 5% خلال هذا العام، بحسب تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" اطلعت عليه "العربية Business".
باستثناء عام 2021، الذي شهد طفرة في الطلب العالمي على الأجهزة المنزلية والمعدات الرياضية وأجهزة الكمبيوتر المصنعة في الصين خلال فترات الإغلاق بسبب جائحة كوفيد-19، ستكون مساهمة التجارة في نمو الاقتصاد الصيني هي الأكبر منذ عام 2006، عندما كانت الصادرات الصينية تزدهر في أعقاب انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001.
تعكس زيادة الاعتماد على الصادرات في دفع عجلة النمو الاقتصادي تحديات الاقتصاد الصيني المتمثلة في أزمة ممتدة في قطاع العقارات وضعف إنفاق المستهلكين.
استجابة لهذه التحديات، ولتحقيق الطموحات طويلة الأجل في تحويل الصين إلى قوة تكنولوجية عظمى، قام الرئيس الصيني شي جين بينغ بضخ استثمارات ضخمة في المصانع الصينية. وأدى ذلك إلى زيادة هائلة في القدرات الصناعية، وتراجع الأسعار، وارتفاع كبير في الصادرات، بما في ذلك الصلب، الكيماويات، السيارات، والآلات.
بلغ فائض الصادرات على الواردات في عام 2024 مستوى قياسيًا قدره 992 مليار دولار، مما لا يعكس فقط انتعاش الصادرات، ولكن انخفاض الطلب الصيني على السلع والخدمات العالمية أيضًا.
ارتفعت صادرات الصين إلى الولايات المتحدة بنسبة 4.9% لتصل إلى 525 مليار دولار، رغم الرسوم الجمركية التي فُرضت خلال فترة ترامب الأولى وتم تمديدها في بعض الحالات خلال إدارة بايدن.
وعد ترامب، في حملته الانتخابية، بزيادة الرسوم الجمركية على جميع الواردات الصينية إلى 60%، كجزء من سلسلة إجراءات تستهدف تقليص العجز التجاري الأميركي وتحقيق أهداف سياسية أخرى.
تواجه الشركات الصينية صعوبات أكبر الآن مقارنة بما كانت عليه قبل خمس سنوات لمواجهة الرسوم الجمركية المتزايدة، إذ أدى ضعف الإنفاق المحلي إلى انخفاض أسعار السلع المصنعة، مما ضغط على هوامش أرباح الشركات.
قد تؤدي زيادة الرسوم الجمركية الأميركية إلى انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة تتراوح بين 0.5% و2.5% في العام التالي لفرضها، حسب شدة الرد الصيني.
ومع تصاعد الصادرات الصينية، ازداد رد الفعل السلبي من الدول الأخرى. إذ فرض الاتحاد الأوروبي، في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، رسومًا جمركية تصل إلى 45% على السيارات الكهربائية الصينية، وفرضت إدارة بايدن رسومًا بنسبة 100% على السيارات الكهربائية المستوردة من الصين.
تأمل بكين في تعويض تداعيات الرسوم الأميركية من خلال زيادة صادراتها إلى أسواق أخرى، مدعومة بتخفيضات مدروسة لقيمة عملتها.
ومع ذلك، يشكل خطر تصاعد الصراع التجاري مع الدول الأخرى تحديا كبيرا أمام استراتيجيات بكين لدعم النمو الاقتصادي.
اتخذت بكين خطوات جريئة لتعزيز اقتصادها المحلي، بما في ذلك تخفيف القيود على شراء المنازل، وتحفيز سوق الأسهم، وتقديم خصومات للمستهلكين الذين يستبدلون السيارات والأجهزة المنزلية القديمة بأخرى جديدة. كما يجري تنفيذ برنامج لتخفيف أعباء التمويل على الحكومات المحلية المثقلة بالديون.
من المتوقع أن تعلن بكين عن دعم مالي جديد للاقتصاد خلال انعقاد المؤتمر الوطني الشعبي في مارس/آذار المقبل.
ورغم المخاوف من الاستثمار المفرط وانخفاض الأسعار، لا تظهر القيادة الصينية أي نية للتخلي عن تركيزها على التصنيع كمحرك أساسي للاقتصاد، على الرغم من المخاوف بشأن الإفراط في الاستثمار وهبوط الأسعار. وبالنسبة لبعض خبراء الاقتصاد، فإن السؤال على المدى الطويل هو ما إذا كان الاقتصاد العالمي قادراً على دعم هذه الرؤية.
وقال ستيفان أنغريك، كبير الاقتصاديين في "Moody’s Analytics" إن بقية العالم لا يستطيع استيعاب جميع المنتجات التي تصنعها الصين.