آخر الأخبار

خبيران: هناك ما هو أخطر من الدم في أزمة جنين

شارك الخبر





رام الله المحتلة- على ضوء استمرار العملية الأمنية الفلسطينية في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين، شمالي الضفة الغربية، حذر خبيران من انعكاسات تتجاوز الدم السائل في المخيم، إلى ما هو أخطر.

الخطر، وفق الخبيرين، يتعلق بانعكاسات وتأثيرات ما يجري من تحريض وتجييش وحقد على بنية المجتمع الفلسطيني ووعيه وثوابته والتي قد تطول، فضلا عن حرف الأنظار عن مأساة العصر في غزة، والتي تستوجب مجتمعا متماسكا.

وفي أحدث معطيات عن ضحايا العملية الأمنية في جنين، قالت الهيئة الفلسطينية المستقلة إن 11 فلسطينيا قتلوا، بينهم 5 من عناصر الأمن، و6 من المدنيين.

الخطر الأكبر

ومنذ 3 أسابيع تدور اشتباكات مسلحة في مخيم جنين بين عناصر أجهزة الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية والمقاومين المتحصنين من كتيبة جنين بداخله، والذين تصفهم بـ"الخارجين عن القانون".

رافق العملية الأمنية تجاذب كبير وخطاب تحريضي مليء بالحقد والكراهية والتخوين مسّ بما يعتبره الفلسطينيون ثوابت كـ "المقاومة" وفكرة "المخيم"، عكسته شبكات التواصل الاجتماعي، فضلا عن حشد السلطة لمؤسساتها والنقابات والعشائر وحتى القطاع الخاص لدعم موقفها.

يقول المحلل والباحث السياسي جهاد حرب للجزيرة نت إن خَطَر حالة التحريض والتجييش القائم اليوم "أكبر بكثير من حجم الدم الذي سال ويسال على مدى نحو 20 يوما في مخيم جنين".

إعلان

وأوضح أن ما نشهده من تحريض "يؤثر على بنية المجتمع الفلسطيني والمفاهيم القائمة لديه في ظل خذلان عام في الشارع الفلسطيني من كل الجهات، وأزمة مستمرة للقضية الفلسطينية بشكل عام".

وقال إن "حالة التحريض القائمة تبث الفرقة بين الفلسطينيين، ويمكن أن تتطور حولها أو من خلالها الكثير من الإشكاليات المستقبلية بين الفلسطينيين، لذلك الخطر الداهم على المجتمع الفلسطيني هو حالة التحريض القائمة في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة بين جميع الأطراف".

كراهية وحقد

ولم يستبعد حرب أن "تنشأ إشكاليات في المجتمع الفلسطيني وبين العائلات وفي العائلة ذاتها، بسبب الانتماءات السياسية القائمة والجدل العالي فيما يتعلق بلغة الخطاب القائمة اليوم على خلفية ما يجري في جنين، وهي تتويج لسنوات عديدة من التراكم في المشهد ذاته".

وأشار إلى خطاب مشابه لما يجري اليوم -وإن كان بدرجة أقل- حدث عام 2021 بعد مقتل المعارض نزار بنات "لكن عاد هذه المرة بشكل أقوى فيما يتعلق بخطاب الحقد والكراهية والتحريض الذي يؤسس لنزاع في المجتمع الفلسطيني لا تحمد عقباه مستقبلا".

ويضيف أن أحد أبرز أسباب الخلاف "إستراتيجية النضال لكل طرف" داعيا إلى إعادة النظر "في كل أشكال النضال من أجل استعادة النهضة الفلسطينية ونهضة المقاومة لسنوات والتعافي من الآثار سواء في غزة أو الضفة".

ولتجاوز الأزمة وتحقيق التقارب المجتمعي دعا إلى "مزيد من الانخراط في دعم قطاع غزة في كل المجالات والتطوع من أجل ذلك سواء معنويا أو ماديا".

ورغم فشل الفصائل في الاتفاق على برنامج سياسي موحد، دعا إلى "تجديد الحوار السياسي لما له من أثر في إذابة جليد الحقد والكراهية وتخفيف خطاب التحريض".



إعلان

تحييد المجتمع

من جهته، يقول أستاذ علم النفس بجامعة الخليل، الدكتور كامل كتلو، إن لأحداث جنين "تأثيرات معطلة وسلبية على الحياة النفسية والاجتماعية والتماسك بالمجتمع الفلسطيني".

وأشار في حديثه للجزيرة نت إلى "تأثيرات بعيدة المدى، تزيد من تفاقم وتشظي الهوية الوطنية الفلسطينية، خاصة في ظل ظروف قاسية يعيشها قطاع غزة تحديدا، والتي تستوجب وحدة الجميع خلف هوية واحدة بعيدا عن الاتهامات المعطلة للحياة اجتماعيا واقتصاديا".

تحدث كتلو عن "آثار نفسية مؤلمة جدا جدا، وحرف للأنظار عن الواقع الصعب وإبادة لم يشهد لها التاريخ الإنساني مثيلا في قطاع غزة".

وقال إن ما يجري في جنين "أدى إلى تحييد جزء كبير من المجتمع عن بؤرة ودائرة الصراع الفعلي الحقيقي مع الاحتلال باتجاهات أخرى وهذا شيء له تأثيرات بعيدة المدى".

وأضاف "في هذا الوقت الصعب، نحن بحاجة لأن نكون متماسكين من ناحية نفسية وبوصلتنا تشير في اتجاه الوحدة والصمود والمقاومة".



العلاج في غزة

وتابع أن ما يحدث في جنين -فضلا عن كونه نتيجة لتباين في الرؤى ووجهات النظر- يستوجب "إعادة النظر في قضية التعاقد على هوية واحدة جامعة، وهذا يحتاج من الجميع تنازلات للوصول إلى نقطة التقاء بين الجميع".

ويرى كتلو أن "الأغلب يدافع عن هويته الحزبية الذاتية أكثر من الهوية الجامعة، في وقت باتت فيه شبكات التواصل الاجتماعي الأكثر تشكيلا لوعي الناس وباتجاه سلبي، فضلا عن وسائل الإعلام غير النزيهة".

يستبعد الأكاديمي الفلسطيني وجود "وصفة سحرية لرأب الصدع" مشيرا إلى أهمية ما قد تحققه غزة من إنجازات سواء بصفقة أو في الميدان والذي سينعكس إيجابا على المجتمع الفلسطيني.

إعلان

وشدد على الحاجة للحكمة وتقديم التنازلات في هذه المرحلة كي يعيد الفلسطينيون تماسكهم ووحدتهم بالمعنى الحياتي اليومي.

وتحدث عن "أهمية الحفاظ على هوية ورمزية المخيم في الوعي الفلسطيني، وعدم المساس بها كونها رمزا للعودة وبقاؤها رمز لاستمرار مأساة التهجير".

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك الخبر

أخبار ذات صلة



إقرأ أيضا