آخر الأخبار

أوروبا تشيخ: هل يمكن للتوسّع أن يبعث حياة جديدة في الاتحاد الأوروبي؟

شارك

تتصدّر إيطاليا وإسبانيا قائمة الدول الأكثر عرضة لـ"الانهيار السكاني"، إذ تتوقّع "يوروستات" أن تشهد الأولى أكبر تراجع سكاني في الاتحاد الأوروبي إذا توقّفت الهجرة.

تشير التوقعات الرسمية الصادرة عن مكتب الإحصاء الأوروبي (يوروستات) إلى أن التكتل يواجه مسارًا ديموغرافيًا متراجعًا على المدى الطويل، يُنذر بتحولات سكانية واقتصادية عميقة. ففي حال توقّف تدفّق المهاجرين بشكل كامل، من المتوقع أن ينخفض عدد سكان الاتحاد الأوروبي بنسبة 9% حتى عام 2050.

لكن هذا الانخفاض لن يتوقف عند هذا الحد، بل يمكن أن يتسارع بشكل كبير ليصل إلى 23% في عام 2075، ثم إلى 34% مع نهاية القرن الحالي — أي أن أوروبا مهددة بخسارة أكثر من ثلث سكانها الحاليين إذا لم تتدفق إليها موجات جديدة من المهاجرين.

تداعيات اقتصادية خطيرة: سوق العمل في خطر

يمثل تقلّص القوى العاملة أبرز مظاهر هذه الأزمة السكانية. ووفقًا لتحليلات معهد إيغمونت، قد يخسر الاتحاد نحو مليون عامل سنويًا حتى عام 2050.

في المقابل، يقدّر مركز البحوث المشتركة التابع للمفوضية الأوروبية أن حجم القوى العاملة سينكمش بنسبة 20.2% بحلول عام 2070، ما يعادل اختفاء 42.8 مليون عامل من السوق الأوروبية.

وتشير السيناريوهات الأكثر تشاؤمًا إلى احتمال ارتفاع الخسارة إلى 26.7%، أي نحو 55.9 مليون عامل.

سبل المواجهة: الهجرة والتوسّع كخيار إستراتيجي

في هذا السياق، يرى الخبراء أن هناك عاملين رئيسيين يمكن أن يساهما في التخفيف من حدة هذا الانكماش السكاني:


* الهجرة: إذ يؤكد باحثو مركز البحوث المشتركة أن الهجرة يمكن أن تؤدي دورًا حيويًا في إعادة التوازن إلى سوق العمل الأوروبي، شرط أن تُدار بسياسات اندماج فعّالة تمكّن الوافدين من المساهمة في التنمية الاقتصادية.
* التوسع الأوروبي كخيار إستراتيجي: تدرس المفوضية الأوروبية إمكانية توسيع عضوية الاتحاد لتعويض النقص في القوى العاملة، مستشهدةً بتجربة التوسّع التاريخي عام 2004 — المعروفة باسم "الانفجار الكبير" — التي حققت مكاسب اقتصادية متبادلة ونموًا متسارعًا للدول المنضمة والاتحاد على حدّ سواء.

إيطاليا وإسبانيا ستفقدان نصف سكانهما بحلول عام 2100

تتصدر إيطاليا وإسبانيا قائمة الدول الأكثر عرضة لخطر "الانهيار السكاني". ووفقاً لتوقعات يوروستات، وفي حال توقفت الهجرة تماماً، ستشهد إيطاليا أكبر تراجع سكاني في الاتحاد الأوروبي، حيث سيتقلص عدد سكانها بنسبة 52% بحلول عام 2100 مقارنة بعام 2025، تليها إسبانيا بخسارة متوقعة تبلغ 49%.

ولا تقتصر هذه الأزمة الحادة على الدولتين فحسب، بل تمتد لتشمل عدداً من دول جنوب وشرق أوروبا. إذ ستفقد مالطا نحو 48% من سكانها، بينما ستشهد البرتغال واليونان انخفاضاً نسبته 44% لكل منهما، في حين يُتوقع أن يتراجع عدد سكان كرواتيا بنحو 40%.

في المقابل، ستكون فرنسا وأيرلندا في مأمن، إذ أن تراجع عدد سكان فرنسا لن يتجاوز 13% بحلول نهاية القرن، بينما ستبلغ نسبة الانخفاض في أيرلندا نحو 15% فقط، ما يعكس مرونة ديموغرافية نسبية وقدرة أعلى على التكيف مع التحديات السكانية التي تهدد معظم دول الاتحاد الأوروبي.

وعلى عكس التيار، ستكون أيرلندا الدولة الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي سينمو عدد سكانها بحلول عام 2050، بزيادة قدرها حوالي 4% مقارنة بمستويات عام 2025.

كيف يقارن الاتحاد الأوروبي من حيث العمر بالبلدان المرشحة للانضمام إليه؟

بشكل عام، فإن البلدان المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي لديها سكان أصغر سنًا من متوسط سكان الاتحاد، باستثناء صربيا وأوكرانيا.

وفقًا ليوروستات، في عام 2024، كان 30.8% من سكان الاتحاد الأوروبي تتراوح أعمارهم بين 0-29 عامًا. ولم تتجاوز هذه النسبة سوى صربيا (30.1%) وأوكرانيا (30.4%).

أما البلدان السبعة الأخرى المرشحة الأخرى فلديها سكان أصغر سنًا بشكل ملحوظ، حيث تجاوزت نسبة الشباب 40% في تركيا (44.3%) وكوسوفو (48.3%).

وتبرز تركيا بتعداد سكاني يزيد عن 85 مليون نسمة في عام 2024، على الرغم من أن محادثات انضمامها إلى الاتحاد الأوروبي متوقفة حاليًا.

تحديات

بينما تتمتع غالبية الدول المرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بهيكل سكاني أصغر سناً، إلا أن هذا لا يعني أنها بمنأى عن التحديات الديموغرافية ذاتها. فكما يُشير تقرير لمؤسسة كارنيغي، "تواجه البلدان المرشحة، مثلها مثل معظم دول وسط وشرق أوروبا، انخفاضاً في عدد السكان ونقصاً في العمالة". وتتفاقم هذه المشكلة نظراً لأن معظم هذه الدول – باستثناء تركيا ذات الـ 85 مليون نسمة – تمتلك كثافة سكانية محدودة، مما يطرح تساؤلات حول مدى فعالية التوسع المستقبلي وحده في حل أزمة الشيخوخة الأوروبية.

في هذا الإطار، تبرز الهجرة كأداة حاسمة، حيث يؤكد تقرير مركز البحوث المشتركة على قدرتها على "تعزيز حجم السكان في سن العمل في المستقبل".

وعلى الرغم من أن التوسع قد لا يكون الحل السحري الذي يعكس الاتجاه الديموغرافي السلبي بشكل كامل، إلا أنه يمكن أن يوفر زخماً حيوياً لمعالجة هذه الأزمة.

وتستند المفوضية الأوروبية في هذا الاعتقاد إلى سابقة تاريخية ناجحة، ألا وهي تمدد "الانفجار الكبير" في عام 2004، والذي أسفر – كما ذكرت المفوضية – عن "نمو وازدهار شهدته كل من دول الاتحاد الأوروبي والدول المنضمة حديثاً على مدى العشرين سنة الماضية".

وبالتالي، يبدو أن النهج الأكثر واقعية لمواجهة الشتاء الديموغرافي في أوروبا لا يكمن في اعتماد استراتيجية أحادية، بل في دمج سياسات هجرة فعالة مع توسع مدروس، مما يخلق دفعة ديموغرافية واقتصادية متعددة المصادر لضمان مستقبل الاتحاد الأوروبي.

خبراء البنك المركزي الأوروبي: العمال الأجانب يمكن أن يساعدوا

يؤكد تحليل حديث صادر عن خبراء البنك المركزي الأوروبي (ECB) أن العمال الأجانب باتوا يلعبون دورًا متزايد الأهمية في أسواق العمل داخل منطقة اليورو. ويحذر من أن شيخوخة السكان في المنطقة تمثل تحديًا خطيرًا لتوسع القوى العاملة، وبالتالي للنمو الاقتصادي.

ويقول خبراء البنك المركزي الأوروبي في بيانهم: "تُظهر بياناتنا أن العمال الأجانب يمكن أن يساهموا في مواجهة هذه التحديات والتغلب عليها. فقد دعم تدفقهم خلال السنوات الأخيرة النمو القوي في حجم القوى العاملة في منطقة اليورو، مما عوّض جزئيًا الاتجاهات الديموغرافية السلبية."

يورو نيوز المصدر: يورو نيوز
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار