آخر الأخبار

هل بدأ الذكاء الاصطناعي فعلا في القضاء على الوظائف؟

شارك

في وقتٍ تتزايد فيه المخاوف العالمية من اتساع نفوذ الذكاء الاصطناعي داخل سوق العمل، وتزايد الجدل حول مستقبل الوظائف البشرية أمام موجة الأتمتة المتسارعة، أثار إعلان شركة "أمازون" هذا الأسبوع عن تسريح نحو 14 ألف موظف من عناصرها الإدارية حالة واسعة من النقاش داخل الأوساط الاقتصادية والتقنية.

فقد أعاد القرار -بحسب هيئة البث البريطانية "بي بي سي"- إشعال المخاوف من أن تكون هذه الخطوة بداية مرحلة جديدة في علاقة الشركات الكبرى بالذكاء الاصطناعي، مرحلة يُعاد فيها رسم ملامح التوظيف، ويُستبدل فيها الإنسان ليتمّ استعمال الخوارزميات في عدد متزايد من القطاعات الحيوية.

الذكاء الاصطناعي في قفص الاتهام

وانضمت أمازون إلى قائمة متنامية من الشركات الأميركية التي عزت قراراتها بخفض العمالة إلى "فرص الكفاءة" التي يوفرها الذكاء الاصطناعي، فشركات مثل "تشِغ" المتخصصة في التعليم الإلكتروني أعلنت مؤخرًا عن تخفيض 45% من قوتها العاملة بسبب "الواقع الجديد الذي فرضه الذكاء الاصطناعي"، في حين بررت شركة "سيلزفورس" تسريح 4 آلاف موظف بأن "وكلاء الذكاء الاصطناعي" أصبحوا يؤدون المهام بكفاءة كبرى.

مصدر الصورة الشركات الكبرى في أميركا تبرر خفض التوظيف بتنامي قدرات الخوارزميات وتراجع الحاجة البشرية (شترستوك)

كما كشفت شركة "يو بي إس" عن خفض 48 ألف وظيفة منذ العام الماضي، وربطت مديرة الشركة القرار بتطور خوارزميات "التعلم الآلي"، غير أن محللين حذّروا من المبالغة في تحميل الذكاء الاصطناعي كامل المسؤولية عن موجة التسريحات الأخيرة.

جدل بين الاقتصاديين حول الأسباب

وتقول مارتا غِمبل المديرة التنفيذية في "مختبر الميزانية" بجامعة ييل، إن "الاستناد إلى تصريحات الشركات لتحديد تأثير الذكاء الاصطناعي على التوظيف هو ربما أسوأ طريقة للفهم".

وأضافت أن كثيرًا من هذه القرارات تعكس "ديناميكيات خاصة بكل شركة أكثر من كونها نتيجة مباشرة للتقنية".

إعلان

وأشارت دراسة أجراها بنك الاحتياطي الفدرالي في سانت لويس إلى وجود علاقة بين انتشار وظائف معرّضة للذكاء الاصطناعي وارتفاع معدلات البطالة منذ عام 2022.

لكنّ أبحاثا موازية للأستاذ مورغان فرانك من جامعة بيتسبرغ وجدت أن "التأثير الحقيقي اقتصر على الوظائف المكتبية والإدارية"، إذ شهدت تلك الفئات ارتفاعًا في احتمالات طلب إعانات البطالة بعد إطلاق "تشات جي بي تي" في نوفمبر/تشرين الثاني 2022.

ومع ذلك، أكد فرانك أن "سوق العمل أصبح أصعب لكلٍّ من موظفي التقنية والإدارة، لكن لا يمكن الجزم بأن الذكاء الاصطناعي هو السبب الوحيد".

دور الدورة الاقتصادية في الظاهرة

وتوضح غِمبل أن شركات التكنولوجيا الكبرى، مثل " أمازون " و" مايكروسوفت "، كانت قد وسّعت توظيفها بشكل مفرط خلال جائحة كورونا عندما خفّض الاحتياطي الفدرالي أسعار الفائدة إلى الصفر تقريبًا، مما جعل هذه الشركات الآن في مرحلة "تصحيح هيكلي" أكثر منه استجابة لموجة الذكاء الاصطناعي.

مصدر الصورة التأثير على وظائف البرمجة والتقنيات المتقدمة ما زال محدودا رغم اتساع استخدام الذكاء الاصطناعي (رويترز)

وأضافت الباحثة أن كثيرًا مما يحدث "ليس جديدًا، بل يشبه الأنماط التقليدية لتوسع الشركات وانكماشها تبعًا لدورة الاقتصاد"، لكنها لفتت إلى أن التحدي المستقبلي يكمن في "التمييز بين الخسائر الدورية والخسائر الناتجة عن الأتمتة والذكاء الاصطناعي".

أمازون في مقدمة التحول

وأعلنت أمازون أنها تسعى لأن تكون "أكثر رشاقة تنظيمية" للاستفادة من الفرص التي يتيحها الذكاء الاصطناعي، ووفقا لـ"بي بي سي"، حققت الشركة أداءً ماليا قويا في يوليو/تموز الماضي، إذ ارتفعت مبيعاتها السنوية بنسبة 13% إلى 167.7 مليار دولار، متجاوزة توقعات "وول ستريت".

ويرى إنريكو مورِتّي، أستاذ الاقتصاد في جامعة كاليفورنيا/بيركلي، أن الشركات الكبرى مثل أمازون "تقع في صدارة عمليات خفض الوظائف المرتبطة بالذكاء الاصطناعي لأنها في الوقت نفسه منتجة ومستفيدة من هذه التكنولوجيا"، لكنه أضاف أن "جزءًا من عمليات التسريح الحالية قد يكون مجرد تصحيح بعد التوسع المفرط في التوظيف خلال الجائحة".

أما لورانس شميت أستاذ التمويل في معهد "إم آي تي سلون"، فقال إن "أمازون تملك القدرة على أتمتة الوظائف بسرعة تفوق منافسيها بسبب حجمها الهائل"، مضيفًا أن الشركة قد تختار "التوقف عن توظيف مزيد من العاملين في بعض الأقسام التي يمكن أتمتتها".

ويختتم التقرير بالإشارة إلى أن مستقبل العمل في قطاع التكنولوجيا الأميركي بات محكومًا بـ"إعادة توزيع الوظائف" أكثر من إلغائها الكلي، وأن الذكاء الاصطناعي -رغم تأثيره الواضح- لا يزال جزءًا من مشهد اقتصادي أوسع تشكّله السياسات النقدية والدورات الاقتصادية العالمية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار