في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
إسطنبول – شهدت تركيا في العام الماضي انخفاضا ملحوظا في مبيعات العقارات للأجانب، فتح باب التساؤلات عن الأسباب التي دفعت أحد أبرز قطاعات الاقتصاد التركي إلى هذا التراجع.
وبينما لا تزال مدن مثل إسطنبول وأنطاليا ومرسين وجهات رئيسية، يبدو أن التحديات الاقتصادية العالمية قد أثرت على خيارات المشترين الأجانب.
في المقابل، تبرز الاستثمارات العربية، وخاصة من دول الخليج، كعنصر قد يحمل مفتاحا لإعادة تنشيط السوق العقارية، وسط تطلعات لتعويض هذا الانخفاض واستعادة الزخم في القطاع.
شهدت سوق العقارات في تركيا في عام 2024 أداء لافتا، إذ ارتفعت المبيعات الإجمالية بنسبة 20.6% مقارنة بالعام السابق، مسجلة مليونا و478 ألفا و25 وحدة سكنية، وفقا لإحصاءات معهد الإحصاء التركي.
ويأتي هذا النمو مدفوعا بزيادة ملحوظة خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى نوفمبر/تشرين الثاني بنسبة 16.4%، تعكس استمرارية الطلب في السوق العقارية رغم التحديات الاقتصادية المتزايدة. وفي ما يلي أبرز المدن التي كانت أكثر مبيعا للعقارات:
وتميز ديسمبر/كانون الأول 2024 بأداء قوي، إذ بلغت مبيعات العقارات 212 ألفا و637 وحدة سكنية، مسجلة زيادة كبيرة بنسبة 53.4% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق.
وعلى صعيد نوع المبيعات:
شهدت مبيعات العقارات للأجانب في تركيا خلال عام 2024 تراجعا كبيرا بنسبة 32.1% مقارنة بعام 2023، لتسجل 23 ألفا و781 وحدة سكنية فقط، وفقا لإحصاءات معهد الإحصاء التركي.
وانخفضت حصة مبيعات العقارات للأجانب من إجمالي السوق العقارية في تركيا بشكل متسارع خلال الأعوام الأخيرة. ففي عام 2022، بلغت حصة المبيعات للأجانب 4.5% من إجمالي السوق، لكنها تراجعت إلى 2.9% في عام 2023، لتواصل انخفاضها في عام 2024 إلى نسبة ضئيلة بلغت 1.6% فقط.
وعلى مستوى المدن، حافظت إسطنبول على صدارة المدن الأكثر جذبا للمستثمرين الأجانب بـ8 آلاف و416 وحدة سكنية، تلتها أنطاليا بـ8 آلاف و223 وحدة سكنية، ثم مرسين بـ2112 وحدة سكنية.
أما على مستوى الجنسيات:
ورغم الانخفاض الكبير على مدار العام، شهد ديسمبر/كانون الأول 2024 انتعاشا نسبيا في مبيعات الأجانب، فقد بيعت 2418 وحدة سكنية، بزيادة قدرها 17.2% مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق. ورغم ذلك، مثلت هذه المبيعات نسبة 1.1% فقط من إجمالي المبيعات الشهرية.
وشهدت مشتريات العرب للعقارات في تركيا خلال عام 2024 تراجعا ملحوظا مقارنة بعام 2023، بحسب بيانات معهد الإحصاء التركي، مما انعكس على ترتيب بعض الدول العربية ضمن قائمة الدول الأكثر شراء للعقارات.
على سبيل المثال:
اعتبر المحلل الاقتصادي مصطفى أكوتش أن تراجع مبيعات العقارات للأجانب في تركيا خلال عام 2024 هو نتيجة لمجموعة من العوامل المترابطة التي تعكس ديناميكيات السوق المحلية والتغيرات التشريعية والاقتصادية على الصعيد العالمي.
وأوضح للجزيرة نت أن الارتفاع الكبير في أسعار العقارات في السنوات الأخيرة، مدفوعا بتكاليف البناء والتضخم، جعل السوق أقل تنافسية أمام المستثمرين الأجانب، خاصة العرب الذين كانوا يشكلون شريحة مهمة من المشترين.
وأشار أكوتش إلى أن التعديلات القانونية المتعلقة بالجنسية والإقامة العقارية كانت من العوامل الرئيسية التي أعادت تشكيل خريطة الطلب الأجنبي. إذ رفعت السلطات التركية الحد الأدنى لقيمة العقارات المؤهلة للحصول على الجنسية إلى ما قيمته 400 ألف دولار، وللإقامة العقارية إلى 200 ألف دولار، وهو ما أضعف من قدرة المستثمرين ذوي الميزانيات المتوسطة على دخول السوق، وجعل الاستثمار في تركيا خيارا أقل جاذبية مقارنة بدول تقدم امتيازات مشابهة بتكاليف أقل.
وعلى الجانب الاقتصادي، أوضح أكوتش أن أسعار الفائدة المرتفعة، التي استقرت عند 50% لمدة 8 أشهر قبل أن تنخفض إلى 47.5%، دفعت المستثمرين، بمن فيهم الأجانب، إلى تحويل رساميلهم إلى البنوك بدلا من العقارات، للاستفادة من عوائد مضمونة ومرتفعة من دون مخاطر تُذكر.
كذلك تطرق إلى تأثير الدعاية السلبية حول العنصرية تجاه الأجانب، التي استهدفت المستثمرين العرب على وجه التحديد، فرأى أنها أسهمت في إثارة مخاوف بعض المستثمرين بشأن البيئة الاجتماعية للاستثمار.
واختتم أكوتش حديثه مؤكدا أن تراجع مبيعات العقارات للأجانب هو انعكاس طبيعي لتشابك هذه العوامل، داعيا إلى إعادة صياغة السياسات الاقتصادية والتشريعية لزيادة جاذبية السوق التركية، خاصة في ظل المنافسة القوية من الأسواق العقارية في المنطقة والعالم.